منتدى الأسرة العربية لصيد الفوائد
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى الأسرة العربية لصيد الفوائد

منتدى الأسرة العربية لصيد الفوائد نساعدك في الرجوع لطريق المستقيم بعون لله
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول
دليل مواقع

 

 الشهاب الثاقب للمحتج بكتاب الله في الرد على الناصب

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
علي
عضو نشيط
عضو نشيط
علي


عدد المساهمات عدد المساهمات : 38
نقاط التميز نقاط التميز : 112
السٌّمعَة السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل تاريخ التسجيل : 27/06/2012

الشهاب الثاقب للمحتج بكتاب الله في الرد على الناصب Empty
مُساهمةموضوع: الشهاب الثاقب للمحتج بكتاب الله في الرد على الناصب   الشهاب الثاقب للمحتج بكتاب الله في الرد على الناصب I_icon_minitimeالأحد يوليو 22, 2012 12:29 am

بسم الله الرحمان الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الأخوة الكرام أعضاء المنتدى الكريم ، أقدم لكم كتاب هام حول إمامة أهل البيت عليهم السلام بعنوان
(الشِّهَابُ الثَّاقِبُ لِلْمُحْتَجِّ بِكِتَابِ اللهِ في الرَدِّ عَلَى النَّاصِبِ أَحْمَدِ الكَاتِبِ )
تأليف ( عالم سبيط النيلي )

القسم الأول
(الإمَامَةُ بَيْنَ الثَّابِتِ والمُتَحَوِّلِ)

يَتَضَمَّنُ الرَّدُّ عَلَى كِتَابِ
"تَطَوُّرِ الفِكْرِ الشِّيعيِّ لأَحْمَدٍ الكاَتِبِ وأَشْبَاهِهِ "

فهرست بأهم المطالب

المقَدِّمـــة
مُجْمَلُ أكاذيبِ (الكاتبِ) في مقَدِّمتِهِ ويَتَضَمَّنُ:
ـ إبطالُ دَعْوَاهُ في الإمامَةِ مِنْ كتابِ اللهِ.
ـ الشُّورَى الوراثيَّةُ الَّتي يَدْعو إليها الكاتبُ.
ـ الردُّ عَلَى دَعْوَاهُ بكونِ الإمامِ عليٍّ (ع) مِنْ دُعاةِ الشُّورَى بأوَّلِ الخطبَةِ الشقشقيَّةِ.

ذكرُ الموارد الَّتي احتجَّ فِيْهَا الإمامُ علي (ع) بالوَصيَّةِ والنصِّ الإلهي:
‌أ. قوله (ع): (أَنْتُم والله لأحرَصُ وأَبْعَدُ.. الخ)
‌ب. فقرة من قوله: (لِِتُقامَ المعطَّلةُ من حدودك.. الخ)
‌ج. تكفيرُهُ قريشاً في فقرة: (اللَّهُمَّ إني أستعديكَ عَلَى قريشٍ.. الخ)
‌د. احتجاجُهُ بحديثِ الحوضِ وتكفيرُهُ لأهلِ الشُّورَى.
‌ه. تكفيرُهُ لَهُم بحديثِ المَنزلةِ ـ معلوماتٌ جديدةٌ عَن الردَّةِ.
‌و. تأكيدُهُ عَلَى الوَصِيَّة في وصيَّتِهِ للحَسَنِ (ع) ـ مفاهيمٌ جديدةٌ لِقَولِهِ (ع): (لا آمُرُكُم ولا أنْهَاكُم) ـ أفكارٌ مُنْدرِسَةٌ عَن مَعْنَى الإمامِ بالنصِّ.
‌ز. الاحتجاجُ عليهم بعلمِهِم بمقامِهِ مِنَ الإمامةِ ـ طريقُ معرفَةِ الحَقّ هُوَ الحَقُّ لا الرِّجَالُ.
‌ح. وصفُهُم بأنَّهُم ظَلَمَةٌ وتزويرُهُم مقولات الرسول (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلّم).
‌ط. احتجاجُهُ (ع) بوجودِ إمامين: كتابُ اللهِ وأَهْلُ البيت (ع) ـ إيضاحٌ جديدٌ لآيةِ الغار وَمَا فِيْهَا من تكفيرِهِم ـ بعضُ خصائصِ المنافقين.
‌ي. الاحتجاجُ بِقَوْلِهِ (ع): (لا يُقاسُ بآلِ مُحَمَّدٍ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلّم) أحَدٌ.. الخ)
‌ك. تفسيرُ قوله (ع): (وَإنَّمَا الشُّورَى للمهاجِرينَ والأنصارِ.. الخ)
‌ل. رفضُهُ (ع) أنْ تَكُونَ الإمامةُ بالقرابَةِ أو الصحابَةِ وفيه إبطالٌ آخرٌ للشُّورى.
‌م. الاحتجاجُ بِقَوْلِهِ (ع): (فأين تذهبون وأنّى تؤفكون.. الخ)
‌ن. الاحتجاجُ بِقَوْلِهِ (ع): (أَيْنَ الَّذينَ زَعَمُوا أنَّهُم الراسخون في العِلْمِ دوننا كذباً … الخ) من الخطبة 142 ـ مبحثٌ آخرٌ في القتالِ عَلَى التأويل وأحاديثٌ في الغَدْرِ.
‌س.الاحتجاجُ بِقَوْلِهِ (ع): (نَحْنُ الشعارُ والأصحابُ.. الخ) ـ تفسير الخطبة بالنصوصِ القرآنيَّةِ والنبويَّةِ.
‌ع. قوله (ع): (فَقُمْتُ بالأمْرِ حينَ فَشَلوا.. الخ) ـ شَرْحُ أقوالِهِ من كتابِ اللهِ وكشْفُ أكاذيبِ الكاتبِ ـ فضائلُ عُمَرَ: فَهْمٌ جديدٌ للأحاديثِ الشريفَةِ في عُمَرَ وكَشْفُ السرِّ عَن حقيقَتِهِ.
‌ف. قولُهُ (ع): (فنظرت في أمري فإذا طاعتي قَدْ سبقت بيعتي.. الخ) ـ نصوصٌ أُخْرَى عَن النبيِّ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلّم) سابِقَةٌ عَلَى عِلْمِ الكلام ـ أبحاثٌ أُخْرَى تكشِفُ عَن أكاذيبِ الكاتبِ الناصبِ ـ تكذيبُهُ لعلماءِ الحديث لأهلِ السنَّةِ ـ مبحثٌ في وجوبِ وجودِ الحجَّةِ وتبعيَّةِ الفضائلِ ـ علاقةُ الإمامِ المعصومِ بالتوحيدِ والعَدْلِ الإلهيِّ.
‌ص. تأكيدُهُ (ع) عَلَى أنه وارثُ الأنبياءِ وسيِّدُ الأوصياءِ مِنَ الخُطْبَةِ 181.
‌ق. احتجاجُهُ (ع) بالقُرْآنِ.
‌ر. أوامِرُهُ (ع) بإتِّبَاعِ أهْلِ البيتِ (ع) ـ مبحثٌ في الفِتْنَةِ وأسبابِهَا ونتائجِهَا ـ تفسيرُ غيبَةِ الحُجَّةِ وعلاقتُهِ بالتوحيدِ ـ مغالطاتُ الكاتبِ الكاذبِ ـ الكشفُ عَن تحريفِهِم لِتَفْسيرِ آيَةِ الشُّورَى.
‌ش. الاحتجاجُ بدعائِهِ (ع) عَلَى قريشٍ ـ كفرُهُم بِعَلِيٍّ (ع) يشبه كُفْرَ اليهودِ بالمسيح (ع).
‌ت. الاحتجاجُ بصَلاتِهِ (ع) عَلَى النبي (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلّم) وآله ـ شرحُ الخصائصِ التسعِ في هَذِهِ الصَّلاةِ ـ مبحثٌ نفيسٌ في العُقَدِ النفسيَّةِ لعائشَةَ ـ شرحُ قولِهِ (ع): (لِلَّهِ بلاد فلان.. الخ) ـ خصائصٌ أُخْرَى لعُمَرَ بن الخطاب ـ المُخَاطبان في قَوْلِهِ تَعَالَى: فبأي آلاءِ ربِّكُمَا تُكَذِّبان ـ شرحُ قوله (ع): (لَمَعَ لامِعٌ ولاحَ لائحٌ واعتَدَلَ مائِلٌ.. الخ) ـ شرْحُ قوله (ع): (لا يَدْخِلُ الجَنَّةَ إلاَّ مَنْ عَرَفَ الأئمَّةَ وعَرَفوه) ـ مغالطاتُ الكاتبِ الناصبِ ـ شَرْحُ قوله (ع): (وأَوْجَبَ مودَّتَهم) ـ توضيحٌ جديدٌ لما يترَتَّبُ عَلَى المودَّةِ.
‌ث. الاحتجاجُ بالآياتِ المرتبطَةِ بِقَوْلِهِ (ع): (إنَّ أولى النَّاسِ بالأنبياءِ أعلمُهُم بِمَا جاءوا بِهِ… الخ).
‌خ. الاحتجاجُ بِقَوْلِهِ (ع): (لا يُعابُ المرءُ بتأخيرِ حقِّهِ.. الخ) ـ إيضاحٌ جديدٌ لانقلابِ المفاهيمِ العقائديةِ عِنْدَ الأمَّةِ.
‌ذ. شَرْحُ قوله (ع): (عَلَيْكُم بطاعَةِ مَنْ لا تُعذرونَ في جهالتِهِ.. الخ) ـ استخراجُ القاعِدَةِ العامَّةِ للإمامَةِ من كلامِهِ (ع).
‌ض. شَرْحُ قوله (ع): (مَا اخْتَلَفَتْ دعوتانِ إلاَّ كَانَتْ إحداهُمَا ضَلالةً.. الخ) ـ مغالطاتُ شُرَّاحِ النهْجِ بخصوصِ العبارَةِ.
غ. الاحتجاجُ بالبشارةِ في قَوْلِهِ (ع): (لتعطفنَّ الدُّنْيَا عَلَيْنَا عَطْفَ الضروسِ عَلَى وَلَدِهَا..الخ)

تَقْدِ يـــمٌ

إنَّ مشكلةَ الفكرِ عموماً ومشكلةَ الدِّين خصوصاً وَمَا حصَلَ ويحصلُ فيهما من اختلافٍ لَيْسَ مرجِعُهُ إلى عَدَمِ وضوحِ الحَقِّ من الباطلِ. إنَّمَا مرجِعُهُ إلى خَلْطِ الحَقِّ بالباطلِ عِنْدَ الناس. وَمعْنَى القولِ الأوَّلِ إنَّ اللهَ لَمْ يجعلْ الحَقَّ مختلفاً عَن الباطلِ اختلافاً واضحاً بَيِّنَاً بحَيثُ يمكن أن يحاسِبَ الخَلْقَ حساباً عادلاً. وَمعْنَى القولِ الثاني هُوَ عَلَى العكسِ من ذَلِكَ أي أنَّ الحَقَّ والباطلَ مُخْتَلِفَانِ ومتناقِضَانِ بِدَرَجَةٍ كافيةٍ بحَيثُ أنَّ كُلَّ إنسانٍ يَعْلَمُ أو يمكنُهُ أنْ يَعْلَمَ الحَقَّ ويميِّزَهُ عَنِ الباطلِ كَمَا يميِّزُ جيِّداً بَيْنَ الظُلُماتِ والنُّورِ أو الظِّلِ والحَرَورِ أو اللَّيلِ والنَّهَارِ. فيصبَحُ كُلُّ إنسانٍ (عَلَى نَفْسِهِ بصيرَةٌ ولو ألقَى مَعَاذيرَه) كَمَا قَالَ اللهُ تَعَالَى.
القولُ الأوَّلُ إذن هُوَ الكفْرُ بعينِهِ، والقولُ الثاني هُوَ الإيمانُ الحَقُّ.
القولُ الأوَّلُ هُوَ الشِرْكُ، والقولُ الثاني هُوَ التوحيدُ.
في القولِ الأوَّلِ يُلقِي المُفَكِّرُ اللَّوْمَ والتَبِعَةَ عَلَى الخالِقِ عزَّ وجلَّ ويبرِّأُ نفْسَهُ والنَّاسَ. وفي القولِ الثاني يُلقِي المُفَكِّرُ باللَّوْمِ عَلَى الناسِ ويبرِّأُ الخَالِقُ مِنَ الظُلْمِ.
وَمَا نريدُ أنْ نقولَهُ في هَذا الكتابِ هُوَ أنَّ الناسَ دأبوا عَلَى الجدالِ حَوْلَ الحَقِّ والباطِلِ والصحيحِ والخاطئ، وتَمَادُوا في ذَلِكَ إلى درجةِ أنَّ عُلَمَاءَ الدِّينِ أصْبَحوا يأخذونَ بفكرةِ احترامِ الآراءِ جميعاً ولو فيما بينهم، ويبرِّرون الاجتهادَ ويزعمون أنَّ الاختلافَ في الدِّينِ رحمَةٌ وأنَّهُ ضرورةٌ لإغناءِ الفكرِ والبحثِ.
لكنَّ هُنَاكَ فَرَقاً بَيْنَ البَحْثِ عَن الحَقِّ والباطِلِ وبَيْنَ الاختلافِ في الحَقِّ والباطِلِ هُوَ عيْنُهُ الفَرَق بَيْنَ الكُفْرِ والإيمانِ.
إنَّ كُلَّ الَّذينَ يبرِّرون الاختلافَ ويَسْمَحونَ بتعدُّدِ الوجوهِ في تأويلِ النصّ الإلهيِّ هُمْ ظَلَمَةٌ وكفَرَةٌ، بَلْ هُمْ أَظْلَمُ الخَلْقِ طُرّاً وإنْ لَبَسوا العمائِمَ وتجلببوا بجُلبابِ الدِّينِ، لأنَّهُمْ يؤمنون بِعَدَمِ وضوحِ الفَرَقِ بَيْنَ الحَقّ والباطِلِ ابتداءً، ويجعلون النصَّ الإلهيَّ الَّذي جَاءَ لإزالةِ الاختلاف ـ يجعلونهُ مَصْدَرَاً للاختلافِ.
وفي هَذا الكتابِ نحاولُ كَمَا حاولنا من قبل إجراءَ التصحيحَ العقائديَّ في أَهَمِّ قضيَّةٍ في الدِّينِ من هَذِهِ الجهَةِ، حَيْثُ اعتبَرْنَا كَلِمَةَ الإمامِ عَلِيٍّ (ع) في حَرْبِ الجَّمَلِ الَّتي قالها لسائلٍ سَأَلَهُ عَن الطريقَةِ الَّتي تمكِّنُهُ من معرفَةِ المُحِقِّ والمُبْطِلِ بَيْنَ الطَّرفين، وَهْيَ قوله للسائِلِ:
( وَيْحَكَ إنَّ الحَقّ لا يُعْرَفُ بالرِّجَالِ.. اعْرِفْ الحَقَّ تَعْرِف أَهْلَهُ )
هَذِهِ الكَلِمَةُ وحدُهَا اعتبرناها قاعدَةً عامَّةً للانطلاقِ في عمليَّةِ التصحيحِ العقائدي.
إن كُلَّ مَا جَرَى من أبحاثٍ ومجادلاتٍ بَيْنَ الفُرَقِ والمذاهبِ في كُلِّ الأديان، وَلَيْسَ في الدِّينِ الإسلاميِّ وحدِهِ قَدْ جَرَى بِخِلافِ هَذِهِ القاعدةِ!. فَهْيَ كلُّها مجادلاتٌ وأبحاثٌ لا تمثِّلُ مُطْلَقَاً بأيَّةِ درجةٍ محاوراتٍ لمعرفَةِ الحَقِّ والباطِلِ، بَلْ هِيَ أبحاثُ الباطِلِ مَعَ نفسِهِ فقط، ومجادلاتُ الباطِلِ مَعَ الباطِلِ.. لأنَّها بعيدةٌ عَن الحَقِّ بُعْدَ السماءِ عَن الأرضِ مُنْذُ ابتدأتْ وإلى هَذا اليومِ، لأنَّها أقوالُ الرِّجَالِ بعضِهِم في بعضٍ.
فهذِهِ الأبحاثُ والكُتُبُ والآراءُ لَيْسَتْ سِوَى آراءِ الرِّجَالِ في بعضِهِم البعضِ.. ولا علاقَةَ لَهَا بمُرَادِ اللهِ ولا كتابِ اللهِ ولا مُرَادِ رسولِهِ وإنْ كَانَ النصُّ الإلهيُّ هُوَ مَوضُوعُهَا الدائِمُ.
هَذا هُوَ الفَرَقُ بَيْنَ أنْ يَكُونَ النصُّ الإلهيُّ بَيِّنَاً بِنَفْسِهِ باعتِبَارِهِ حَقَّاً وبَيْنَ أنْ يَكُونَ غامِضَاً ويَحْتَاجُ إلى تَبْيينٍ من الرِّجَالِ! .
وَحِينَمَا تَفْهَمُ النصَّ الإلهيَّ ـ سواء كَانَ قرآناً أو سنَّةً مِنْ خلالِ الرِّجَالِ فَإِنَّكَ تَعْبُدُ الرِّجَالَ ولا تَعْبُدُ اللهَ!.
وَحِينَمَا تَرَى مَا في النصِّ مِنْ حَقٍّ وباطِلٍ مُستَقِلاً عَن الرِّجَالِ فقَدْ بَدَأْتَ بالفِعْلِ أَوَّلَ خُطْوَةٍ في الطَّريقِ إلى عبادَةِ اللهِ وحدِهِ!.
من هُنَا نَرَى بوضوحٍ كافٍ أنَّ الهجماتِ الموجَّهَةِ إلى الدِّينِ السماويِّ وَعَلَى كافَّةِ المستوياتِ هِيَ هَجَمَاتٌ عَلَى التفسيرِ السائِدِ للدِّينِ وَلَيْسَتْ عَلَى الدِّينِ نَفْسِهِ، وَلكِنَّهَا تُحاوِلُ إبطالَ أسُسِ الدِّينِ من خلالِ التناقُضَاتِ في أقوالِ علماءِ الدِّينِ والمفسِّرين، فيحسِبُ البعضُ بَلْ أكثرُ الناسِ أنَّ الدِّينَ أصبَحَ في خَطَرٍ من هَذِهِ الهَجَمَاتِ.
والواقعُ هُوَ خلافُ ذَلِكَ، إِذْ أنَّ الخَطَرَ هُوَ عَلَى التفسيرِ الخاطئِ للدِّينِ وَعَلَى التأويلاتِ المتناقضَةِ للنصِّ. فَهْيَ إذَنْ هجماتُ الباطِلِ عَلَى نَفْسِهِ. فَهْيَ مِنْ هَذِهِ الجهَةِ نافعَةٌ منفعَةً عظيمَةً، لأنَّها تكشِفُ عَن الانحرافِ والزَّيفِ وإنْ كَانَ مصدَرُهَا أقطابُ الكُفْرِ والإلحادِ العلنيِّ.
ومِثْلُهَا مِثْلُ الإفكِ الَّذي جاءت بِهِ عصبَةٌ في عصر الرسول (ص) حَيْثُ قَالَ تَعَالَى:
 إِنَّ الَّذينَ جَاؤُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُم لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَّكُم بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُم مَا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُم لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ (11) سورة النــور
ذَلِكَ لأنَّ هَذا الإفكَ قَدْ بَنَاهُ المنافقونَ عَلَى أُسُسٍ خاطئَةٍ مغروسَةٍ في الأذهانِ لأصولِ العقيدةِ فأمْكَنَ من خلالِهِ الكَشْفُ عَن هَذِهِ المبادئِ وتصحيحِهَا وتمييزِ المؤمنِ من المُنَافِقِ. إِذْ لَمْ يكُنْ بالإمكانِ أَصْلاً استقبالُ هَذا الإفكِ من قِبَلِ المسلمين لَولا استعدادهم لقبولِ المغالطاتِ، وَلِذَلِكَ وبَّخهُم القرآنُ عَلَى ترديدِ مقولاتِ المنافقين.
إنَّ مَا حَصَلَ في عقائِدِ المسلمينَ مُنْذُ قرونٍ طويلةٍ هُوَ انقلابٌ شاملٌ لمبادئ الدِّينِ وانعكاسٌ للمفاهيمِ بِحَيثُ أنَّ الدراسَةَ الجّادَّةَ للنصِّ القرآنيِّ ومحاولةَ فهْمِهِ مُستَقِلاً عَن آراءِ الرِّجَالِ تبيِّنُ بوضوحٍ كافٍ أنَّ الدِّينَ الَّذي بَيْنَ يدينا اليوم هُوَ نقيضُ الدِّينِ الَّذي جَاءَ بِهِ مُحَمَّدٌ (ص)، وَلِذَلِكَ يتمكَّنُ دعاةُ الإلحادِ والكُفْرِ من توجيهِ الضرباتِ القويَّةِ إلى هَذا الدِّينِ المزيَّفِ فيحسِبُ الناسُ أنَّ الدِّين في خَطَرٍ!.
وَلكنَّ الحقيقةَ كَمَا قُلْنَا مِنْ قبل أنَّ الخَطَرَ هُوَ عَلَى الباطِلِ مِنَ الباطِلِ لا غَيْرَ!.
وَلكنْ يَبْقَى علينا أنْ نوضِّحَ للقارئِ الفَرَقَ بَيْنَ دِينِ اللهِ ودينِ الناسِ!، إِذْ هُنَا تكْمُنُ المشكلَةُ بِكُلِّ أَبْعَادِهَا!.
فإنَّ هَذا التوضيحَ يستلزِمُ إجراءَ سلسلةٍ مِنَ الأعمالِ سَتَكونُ المفاجأةُ فِيْهَا عَلَى رجالِ الدِّينِ من كافَّةِ المذاهبِ أشدُّ وقعاً مِمَّا هِيَ عَلَى القارئ العادي. ومن المتوقَّعِ أنْ يَقِفَ أكثرُهُم ضِدَّ عمليةِ التصحيحِ وفي صفِّ العدوِّ إذا أحسُّوا بالخَطَرِ الدَّاهمِ عَلَى مسلَّماتِهِم ومبادِئِهِم ـ وسوف يَحْسبونَ أنَّ الخَطَرَ في التصحيحِ أعظَمُ عليهم من الخَطَرِ الآتي من هجماتِ الملاحِدَةِ والكفّارِ.
ذَلِكَ لأنَّنا لَو قُلْنَا أنَّ مَا تَنْتَقِدُونَهُ هُوَ آراءُ الرِّجَالِ وأعمالُ الرِّجَالِ، وبيَّنا فِيهِ حقيقةَ الدِّينِ ظَهَرَ مِنْ خلالِ ذَلِكَ كُفْرُ هَؤُلاءِ الرِّجَالِ وانحرافُهُم عَن الدِّينِ، وهُم أسماءٌ لامعَةٌ مشهورَةٌ في الأمَّةِ ومعروفَةٌ بالـ (التقوى والصلاح)، بَلْ أسماءٌ مقَدَّسَةٌ جِدَّاً. ذَلِكَ لأنَّ الدِّينَ الَّذي يؤمِنُ بِهِ الناسُ اليوم هُوَ في الواقِعِ أسماءُ رجالٍ، فَلا يَفْصِلونَ ولا يُفَرِّقونَ بَيْنَ الدِّينِ وَمَا يسمّى بـ (رجالِ الدِّين).
وفي السنواتِ الأخيرةِ تكاثَفَت الحَمَلاتُ الموجَّهَةُ ضِدَّ الدِّينِ عَلَى كافَّةِ المستوياتِ، ومن بينها مؤلَّفاتٌ مشهورةٌ تَدْعُو إلى إخراجِ النصِّ الدينيِّ مِنْ حيزِ المؤسَّساتِ الدِّينيةِ العتيدَةِ، ومحاولةِ تفسيرِهِ بالطرائقِ الحديثةِ. وَهْيَ محاولاتٌ تُعْتَبَرُ في سلسلةِ التَّطورِ التاريخيِّ لتأويلِ النصِّ آخِرَ أهدافِ الانحرافِ وغايتِهِ النهائيةِ. وإذا تُرِكَتْ بِغَيْرِ رَدٍّ فإنَّ المُصَالَحَةَ بينها وبَيْنَ المؤسَّسَةِ الدِّينيةِ واقِعَةٌ حَتْمَاً وإنْ تأخَّرَتْ زمنياً شأنُها شأنُ كُلِّ انحرافٍ جديدٍ وموجةٍ جديدةٍ مِنْ هَجَمَات الإلحادِ كَمَا أثْبَتَ ذَلِكَ التطوُّرُ التاريخيُّ للمؤسَّسَةِ الدينيَّةِ.
لقَدْ لاحَظَتْ لِجْنَةُ التصحيحِ العقائديِّ الَّتي انبثقَ عَنْهَا هَذا الكتابُ خطورةَ هَذا الأمرِ وبلوغَهُ الحَدَّ الأقصى الَّذي لَيْسَ وراءَهُ شيءٌ سِوَى الخطوةِ الأخيرةِ الَّتي هِيَ خطوَةُ إنكارِ النبوَّةِ والرسالةِ، وَلِذَلِكَ حاولَتْ إيصالَ الحقائقِ المتعلّقةِ بالعقيدةِ والنصِّ بأساليبٍ وَطُرُقٍ مختلفَةٍ لا تثيرُ سُخْطَ المؤسَّسَةِ الدينيةِ، وَذَلِكَ بالتمسُّكِ ببعضِ المبادئِ المُشْتَرَكَةِ مَعَهَا والانطلاقِ مِنْهَا مِثْلُ إعجازِ القرآنِ الكريمِ، ووحدَةِ الدعوةِ الإلهيَّةِ عِنْدَ الأنبياء، والثوابِتِ في المأثورِ، وإجراءِ التصحيحِ في أُسُسِ ومبادئِ اللغَةِ من جِهاتٍ بعيدةٍ عَن نقاطِ الخَطَرِ أَمَلاً في التقاءِ هَذِهِ الأبحاثِ في النهايَةِ عِنْدَ تِلْكَ الغايةِ.
وَكَانَ ظهورُ كتابِ (تَطَوُّر الفكرِ الشيعيِّ من الشُّورَى إلى ولايةِ الفقيه) لمؤلِّفِهِ المَدْعُو (أحمد الكاتب) يمثِّلُ أبرزَ عمَلٍ من أعمالِ التحريفِ والزَّيفِ القائمِ عَلَى أقوالِ الرِّجَال والذي لا شأنَ لَهُ بأصولِ العقيدةِ الدينيَّةِ ولا دستورِهَا الثابِتِ الَّذي هُوَ القرآن الكريم والسُّنَّة المُقَدَّسَة.
فقَدْ عَمَدَ هَذا المُؤَلِّفُ إلى استخدامِ أقوالِ وتناقُضَاتِ عُلَمَاءِ الدِّينِ في توجيهِ آخِرِ ضرباتِهِ الموجِعَةِ إلى الباطِلِ، وَلكِنَّهُ وبسببٍ من انحرافِهِ وكذبِهِ حاولَ الخُروجَ بنتائجٍ عموميَّةٍ لإبطالِ الإمامَةِ أَمَلاً منه في إبْطَالِ النبوَّةِ والرسالَةِ فيما بَعْدُ أو تَحْويلِ وجهتِهَا.
ادَّعى الكاتبُ المذكورُ أنَ الإمامَ عَلِيَّاً (ع) لَمْ يدافعْ عَن نظريَّةِ الوَصِيَّةِ وَلَمْ يَدَّعِ العِصْمَةَ وَلَمْ يَدْعُ إلى النصِّ، وَإنَّمَا كَانَ من دُعَاةِ الشُّورَى، وأنَّهُ لَمْ يَجِدْ في كلامِهِ المُتَّفَقِ عَلَيْهِ عِنْدَ المسلمين مَا يجعلُنَا نعتقِدُ بِأنَّهُ يُؤمِنُ بالنصِّ، وأنَّ الإمامةَ بِهَذا المَعْنَى هِيَ من وَضْعِ المتكلِّمين.
وبالطَبْعِ فَبَعْدَ إلغاءِ الإمامةِ والعصمَةِ يصبَحُ الأئمَّةُ الاثني عشر أكذوبةً، ويصبَحُ المَهْدِيُّ الثاني عشر مجرَّدَ فرضيَّةٍ لا أساسَ لَهَا من الواقعِ.
وَلَمَّا كَانَ الإمامُ عَلِيٌّ (ع) هُوَ الشخصَ الوحيدَ المُتَّفَقُ عَلَى صلاحِهِ وتَقْوَاه في الأمَّةِ كلِّهَا ـ إِذْ أنَّ الخِلافَ حَصَلَ في غَيْرِهِ لا فِيهِ ـ، وَلَمَّا كَانَتْ أقوالُهُ كلُّهَا منقولَةً عَن أهْلِ الخِلافِ، وَهْيَ الَّتي اعْتَمَدَهَا الكاتِبُ المذكورُ، فقَدْ رَأينَا أنْ يَكُونَ القسْمُ الأوَّلُ مُخَصَّصَاً لكلامِهِ عَلَيْهِ السَّلام المُرتَبِطِ بالإمَامَةِ، حَيْثُ سيلاحِظُ القارئُ المُحْتَرَمُ وَمِنْ أَوَّلِ الصَّفَحَاتِ أنَّ الكاتِبَ المَذْكورَ هُوَ مِنْ أكذَبِ الخَلْقِ، وأكثَرِهِم إمْعَانَاً في الافتراءِ والتَّزويرِ، فتَسْقِطُ مصداقيَّتُهُ من أَوَّلِ البَحْثِ، وَلِذَلِكَ فَلا نَعْتَبِرُ هَذا الكتابَ رَدَّاً عَلَى هَذا الكاتِبِ بقَدَرِ مَا هُوَ ردٌّ عَلَى كُلِّ انحرافٍ وتحريفٍ في أُسُسِ العقيدةِ، حَيْثُ اعتَمَدْنَا في شَرْحِ أقوالِهِ (ع) عَلَى كتابِ اللهِ والمُتَّفَقِ عَلَيْهِ بَيْنَ أهْلِ الأديانِ، وأوضَحْنَا جوانِبَ كثيرةً مِنَ المُغَالَطَاتِ المُتَعَلِّقَةِ بالتوحيدِ فاصِلينَ فَصْلاً تاماً بَيْنَ حُكْمِ اللهِ وحُكْمِ الخَلْقِ ـ بحَيثُ أنَّ عَلِيَّاً (ع) نفْسَهُ سيَظْهَرُ وَكَأنَّهُ شَخْصٌ مأمورٌ بطاعَةِ الإمَامِ عَلِيٍّ (ع) من خلالِ كلامِهِ بأَمْرٍ من اللهِ وحُكْمٍ إلهيٍّ لا سبيلَ لَهُ إلى دَفْعِهِ وألاَّ فَإنَّهُ كَانَ يفضِّلُ العافيةَ والسلامَةَ، بَيْنَمَا تتجلّى في البَحْثِ أحْكَامُ الخَلْقِ الَّتي قَابَلوا بِهَا حُكْمَ اللهِ.
في هَذا الرَّدِّ ستظْهَرُ العلاقَةُ بَيْنَ الإمامَةِ والتوحيدِ في أَجْلَى صُوَرِهَا المُمْكِنَةِ حالياً إلى أنْ تَحيَن الفُرْصَةُ للإعلانِ عَنْ حقائقٍ أُخْرَى في الموضوعِ.
والغايةُ مِنَ البَحْثِ أَيْضَاً تسريبُ التصحيحِ العقائديِّ بالتدريجِ إلى المؤسَّسَةِ الشيعيَّةِ الَّتي تُرَوِّجُ معادلَةً معكوسَةً هِيَ طاعَةُ عَلِيٍّ في اللهِ لا طاعَةُ اللهِ في عَلِيٍّ (ع) ـ أَمَلاً مِنَّا في انعكاسِ هَذا التَّصحيحِ عَلَى الجوانِبِ الأُخْرَى في أوساطِ المسلمين كافَّةً ولو بَعْدَ حِيْنٍ.
لقَدْ لاحَظَتْ اللجنَةُ أنَّ المؤسَّسَةَ الدينيَّةَ غَيْرُ قادِرَةٍ عَلَى الرَّدِّ عَلَى دَعواتِ الكاتِبِ هَذا. وأكَّدَ هَذا الحَدَسَ لديها أنَّ أكْثَرَ القُرَّاءِ استنجَدوا بِهَا لِعِلْمِهِم أنَّ اللجنَةَ هِيَ وحْدُهَا القادِرَةُ عَلَى الرَّدِّ لأنَّها لا تُؤْمِنُ أَصْلاً بالتغيُّراتِ والاجتهاداتِ الرجاليَّةِ الَّتي اعتَمَدَهَا (الكاتِبُ) في النقَدْ والتي هِيَ من أعمَالِ هَذِهِ المؤسَّسَةِ ذاتِهَا. وَكَذَلِكَ لثَقَةِ هَؤُلاءِ القُرَّاءِ بِأنَّ لدى اللجنَةِ القُدْرَةَ عَلَى النفاذِ إلى المفاهيمِ الحقَّةِ في النصِّ القرآنيِّ والتي تمكَّنَتْ بِهَا من مُحَاكَمَةِ الكثيرِ من المقولاتِ الرجاليَّةِ المُعْتَمَدَةِ في الدِّراسَاتِ الدينيَّةِ عَلَى الصَّعيدين العقائديِّ والتشريعيِّ كَمَا ظَهَرَ ذَلِكَ في أبحاثِهَا السابقَةِ.
وَلِذَلِكَ فقَدْ أَكَّدَ البَحْثُ في هَذا الكتابِ عَلَى مسألَةٍ هامَّةٍ جِدَّاً هِيَ: إنَّ الإمامَةَ عقيدةٌ إلهيَّةٌ لا علاقَةَ لَهَا بعَدَدِ المؤمنين بِهَا، ولا بالتَّغَيُرِ الحاصِلِ عَلَيْهَا عَلَى أيدي الرِّجَالِ ولا بإنكارِ الرِّجَال لَهَا أو اعترافِهِم بِهَا.. بَلْ تُعْرَضُ عَلَى الكتابِ والسُنَّةِ فإنْ ثَبَتَتْ بِهِمَا فَهْيَ حَقٌّ حَتَّى لَو لَمْ يوجَدْ إلاَّ واحِدٌ يُؤْمِنُ بِهَا، وإنْ بَطَلَتْ في الكتابِ والسُنَّةِ فَهْيَ باطلَةٌ وإنْ دَعَا لَهَا كُلُّ الخَلْقِ. وإنَّ واجِبَ المؤمِنِ هُوَ معرفَةُ الحَقِّ مجرَّداً عَن الأسماءِ وقَبْلَ معرفَةِ الرِّجَالِ وأقوالِهِم بحَيثُ يمكنُهُ الحُكْمُ عليهم بالحَقِّ لا الحُكْمُ بِهِم عَلَى الحَقِّ كَمَا فَعَلَ الكاتِبُ الأفَّاكُ الكَذوبُ المُلْحِدُ الَّذي اتَّخَذَ من الدِّينِ وسيلَةً لهدْمِ الركْنِ الأساسيِّ فِيهِ، وَلِذَلِكَ رَجَعَ كَيْدُهُ إلى نَحْرِهِ وأَبْطَلَ نفسَهُ بِنَفْسِهِ.
وبَعْدُ فإنَّ اللجنَةَ تتقَدَّمُ بالشُّكْرِ الجزيلِ والدُعاءِ إلى الباري عزَّ وجلَّ بالثوابِ العظيمِ لِكُلِّ الَّذينَ أعانوها عَلَى إِكْمَالِ هَذا القِسْمِ وغيرِهِ من المؤلَّفَاتِ الَّتي أعْلَنَتْ لأوَّلِ مرَّةٍ للقُرَّاءِ الكِرَامِ عَن الحَقائِقِ بلا خَوْفٍ ولا تزويرٍ ولا كَذِبٍ ولا تَمْويهٍ ولا مجاملاتٍ، إِذْ لا مُجَاملَةَ في الحَقِّ، وَهْيَ عَلَى يقينٍ من أنَّهَا وَهْيَ تحاولُ الدِّفَاعَ عَن التوحيدِ الخالِصِ والحُكْمِ الإلهيِّ المُطْلَقِ فَلَنْ تكونَ هُنَاكَ أيُّ قوَّةٍ في العالَمِ قادِرَةً عَلَى إلحاقِ الضَّرَرِ بِهَا، لأنَّ وَعْدَ الله حَقٌّ وقولُهُ صِدْقٌ.. فَهْوَ تَعَالَى القائِلُ:
يَا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ (7) سورة محمد
نَعَمْ.. إنَّ أكثَرَ الناسِ يَقُولُونَ هَذِهِ الآيَةَ وَلَكِنَّهُم يَنْصِرونَ الشَيْطَانَ، وَلِذَلِكَ فإنَّ مصيرَ أبحاثِهُم الهباءُ وجنايتُهِم مِنْهَا العناءُ ومآلُهم أنْ يتسلَّطَ عليهم الأشرارُ وأنْ يذوبَ باطِلُهُم، لأنَّ الباطِلَ يأكُلُ بعضُهُ بَعْضَاً.
وقَدْ أطْلَقْنا الاسْمَ الفرعيَّ للبحثِ [ الإمامَةُ بَيْنَ الثابِتِ والمُتَحوِّلِ ] للدَّلالَةِ عَلَى أنَّ لأهلِ البيت عليهم السَّلام نَظَرِيَّةً إلهيَّةً، وَهْيَ حُكْمٌ إلهيٌّ عليهم وَعَلَى غيرِهِم، وهم مقهورون عَلَى طاعَةِ الله فِيْهَا. وإنَّ هَذا هُوَ من الثوابِتِ القرآنيَّةِ، وإنَّ التحوّلاتِ في الفكرَةِ إنْ وُجِدَتْ فَهْيَ من آراءِ الرِّجَالِ ولا علاقَةَ لَهَا بالإمَامَةِ. فَهْيَ عَلَى العكْسِ مِمَّا زَعَمَهُ (الكاتِبُ) تُؤَكِّدُ نَظَرِيَّةَ الإمامَةِ، لأنَّ الإمامَةَ أَصْلاً إنَّمَا أُنزِلَتْ في الكتابِ والسُنَّةِ للاحتجاجِ عَلَى الخَلْقِ ولإزالَةِ الاختلافِ.
فالكُفْرُ بالإمَامَةِ هُوَ منشأُ الخِلافِ والاختلافِ، وإنكارُهَا يَعْنِي السماحَ لِكُلِّ مَنْ هَبَّ ودَبَّ بإدلاءِ رأيهِ في حُكْمِ اللهِ، وَهَذا هُوَ الكفُرْ.ُ. وَهْوَ ناتِجٌ ستلاحِظُهُ في كُلِّ أقوالِ الإمامِ عليِّ عَلَيْهِ السَّلام والتي تعمَّدَ (الكاتِبُ) الكاذِبُ تجاهلَهَا، وجَاءَ بغيرِها مِمَّا يحسَبُهُ مؤيّداً لَهُ. ولكنَّنَا أثْبَتْنَا أنَّ الَّذي جَاءَ بِهِ من أقوالِهِ (ع) هُوَ أوضَحُ حُجَّةً وأَبْيَنُ بُرْهَاناً من النصوصِ المتروكَةِ ـ ذَلِكَ لأنَّ هَذا (الكاتِبَ) اعْتَمَدَ الافتراءَ والكَذِبَ مِنْ أَوَّلِ مَا بَدَأَ البَحْثَ، فَمِنَ الطبيعيِّ أنْ يُضلَّهُ اللهُ عَلَى عِلْمٍ ويعمي بَصَرَهُ وبصيرتَهُ عَن الحقائِقِ.
هَذا ونطلُبُ من القارئِ الكريمِ قَبْلَ قراءَةِ هَذا الكتابِ التحرُّرَ من كُلِّ حُكْمٍ سابِقِ في أيِّ شيءٍ سِوَى اللهِ الواحِدِ الأحَدِ، وأَنْ يُرْغِمَ نَفْسَهُ عَلَى فَهْمِ سورةِ الإخلاصِ وترديدِهَا مِرَارَاً وأنْ يستعيذَ باللهِ من الشَّيْطَانِ ويدعوَ اللهَ تَعَالَى لهدايتِهِ إلى الحَقِّ قَبْلَ البدءِ بالقراءَةِ. فإنْ كَانَ كتابُنَا باطِلاً وَهْوَ سليمُ القَلْبِ فَلا شَكَّ أنَّ اللهَ سيستجيبُ دعاءَهُ ويكْشِفُ لَهُ عَنْ بطلانِ هَذا الكتابِ. وإنْ كَانَ مَا في كتابِنَا حَقَّاً ـ وَهْوَ كُلُّهُ حَقٌّ ـ فإنَّ اللهَ سبحانه سَوفَ يهديهِ إلى الحَقِّ. وَمعْنَى هَذا الكلامِ يرجَعُ إلى أوَّلِهِ، أي لَيْسَتْ العِلَّةُ في عَدَمِ وضوحِ الحَقِّ من الباطِلِ، وَإنَّمَا العِلَّةُ في القلوبِ الَّتي في الصدورِ. فإذا سَلِمَتْ القُلوبُ أَدْرَكَتِ العقولُ. وفي هَذا النُصْحِ كفايةٌ لِمَنِ اكتفى باللهِ، وكَفَى باللهِ هادياً وكَفَى بِهِ نصيرا.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
الشهاب الثاقب للمحتج بكتاب الله في الرد على الناصب
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» الشهاب الثاقب للمحتج بكتاب الله في الرد على الناصب ( عالم سبيط النيلي )
» الفرق بين كلمة (( إن شاء الله )) و (( إنشاء الله )) .. مهم جداً
» من فتاوى رسول الله صلى الله عليه وسلم للنساء
» لماذا نحب رسول الله صلى الله عليه وسلم...!!♥♥
»  ادراك شفاعة رسول الله صلى الله عليه و سلم

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى الأسرة العربية لصيد الفوائد :: إسلاميات :: المنتدى الإسلامي العام-
انتقل الى:  
مواقع صديقة
الأسرة الشامل | صور و خلفيات – قنوات فضائية