منتدى الأسرة العربية لصيد الفوائد
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى الأسرة العربية لصيد الفوائد

منتدى الأسرة العربية لصيد الفوائد نساعدك في الرجوع لطريق المستقيم بعون لله
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول
دليل مواقع

 

 ولقَدْ علم المستحفظون من أصحاب مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وآله إني لَمْ أردّ عَلَى اللهِ ولا عَلَى رسوله ساعةً قط.

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
علي
عضو نشيط
عضو نشيط
علي


عدد المساهمات عدد المساهمات : 38
نقاط التميز نقاط التميز : 112
السٌّمعَة السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل تاريخ التسجيل : 27/06/2012

ولقَدْ علم المستحفظون من أصحاب مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وآله إني لَمْ أردّ عَلَى اللهِ ولا عَلَى رسوله ساعةً قط. Empty
مُساهمةموضوع: ولقَدْ علم المستحفظون من أصحاب مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وآله إني لَمْ أردّ عَلَى اللهِ ولا عَلَى رسوله ساعةً قط.   ولقَدْ علم المستحفظون من أصحاب مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وآله إني لَمْ أردّ عَلَى اللهِ ولا عَلَى رسوله ساعةً قط. I_icon_minitimeالأحد يوليو 22, 2012 12:43 am

بسم الله الرحمان الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

ز. وَمِنْهَا قوله عَلَيْهِ السَّلام


ولقَدْ علم المستحفظون من أصحاب مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وآله إني لَمْ أردّ عَلَى اللهِ ولا عَلَى رسوله ساعةً قط.
نهج البلاغة الخطبة/195

أقولُ: هَذِهِ العبارَةُ تفيدُ غيابَ الحُكْمَ العقليَّ الذاتيَّ مقابلَ الحُكْمِ الإلهيِّ. وكلُّ الخَلْقِ يردُّونَ عَلَى اللهِ أمَّا جَهْلاً وهُمْ بِهَذا يكونون عصاةً أو عَمْداً فيكونونَ كَفَرَةً ومشركين. وعَدَمُ الردِّ هُوَ أمرٌ خاصٌّ وصِفَةٌ خاصَّةٌ لا يُؤْتَها كُلُّ أحدٍ. فمن أوتي ذَلِكَ كَانَ في مَقَامِ الرُّسُلِ والأنبياءِ (ع)، ولا يعلم ذَلِكَ إلاّ الخواص، ولهذا قَالَ عَلَيْهِ السَّلام (عَلِمَ المستحفظون) إشارَةً إلى آية (بِمَا استحفظوا من كتاب الله) وهم الَّذينَ يعرفونَ الحَقِّ بلا أسماءٍ، وبلا رجالٍ ثمَُّ يعلمون مَنْ مِنَ الرِّجَالِ عَلَى الحَقِّ بِمَا في ذَلِكَ يعرفون أنفُسَهُم.. فإذا جَهَلَ المرءُ نفسَهُ جَهَلَ ربَّه. وَلِذَلِكَ قَالَ النبيُّ (ص): (من عَرَفَ نفْسَهُ فقَدْ عَرَفَ ربَّه). والعبارةُ تشير إلى العصمةِ. وَلِذَلِكَ احتجّ بِهَا في هَذِهِ الخطبة.
قَالَ النبي (ص):
(عَلِيٌّ مني كَنَفْسِي بَلْ هُوَ نَفْسِي)..
فالكاتِبُ الكاذِبُ سيقولُ: هَذا الحَديثُ ضعيفٌ!
نعم.. صحيحٌ فَإنَّهُ ضعيفٌ جِدَّاً، وكلُّ الأحاديثِ ضعيفةٌ جِدَّاً..!!
فيا له من أحمقٍ إذن! كلَّمَا تصفَعُهُ يعيدُ الخطأَ نَفْسَهُ.. ألَم أَقُلْ لك لا تكلّمني بالرجالِ فإنِّي لا أحتجُّ بالرجالِ!. والذي يحتجُّ بالرجالِ ضالٌّ مضِّلٌّ.. أَمْ تَحْسبُ أنَّ الشيعةَ هُمْ الأصوليون؟.
ألا تدري أنَّ سهْمَكَ قَدْ عَادَ إلى نحرك؟. ذَلِكَ لأنَّ عِلْمَ الرِّجَالِ والحُكْمَ عَلَى النصوصِ من خلالِهِ لَيْسَ من أعمالِ شيعةِ عليٍّ!. بَلْ هُوَ من أفكارِ وأعمالِ أهلِ الشُّورَى! وانتقالُهُ إلى الطائفةِ الَّتي تسمَّى اصطلاحاً بـ (الشيعة) لا علاقةَ لَهُ بالموضوعِ الَّذي بيننا الآنَ، وألاَّ فَلِمَاذَا أنا مسرورٌ بشتْمِكَ في كُلِّ صفحةٍ؟.. لأني أقْرَأُكَ من الداخلِ وأَعْرِفُ جيِّداً كَيْفَ تُفَكِّرُ وَلِماذَا وَمَاذَا تُريدُ!! فدَعْ عنك هَذا كلَّهُ.. إِذْ لَو بَقِيَ واحدٌ فَقَطْ من شيعةِ عليٍّ فَإنَّهُ سيكونُ حجَّةً عَلَيْكَ وَعَلَى كُلِّ أهلِ الأرضِ.
ألا تَرَى أنَّ اللهَ سبحانَهُ قَدْ أَهْلَكَ القُرى حَيْثُ آمَنَ واحِدٌ مِنْهُم فقط حَيْثُ أَهْلَكَ القريَةَ الَّتي جاءَهَا المُرسَلون فَلَمْ يؤمِنْ سِوَى (رجل جَاءَ من أقصى المدينة يسعى)؟، قَالَ تَعَالَى:
{وَجَاء مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ} (20) سورة يــس
فللمرْءِ أَنْ يقولَ لَكَ: (إنَّ مَا تستشهد بِهِ من أحاديثٍ هِيَ كاذبةٌ أو منتحلةٌ أَيْضَاً)!.
إنَّ العقائِدَ لا تَثْبِتُ بِأَقْوَالِ وأحاديثَ تبعاً لوثاقَةِ الرِّجَالِ أو عَدَمِ وثاقَتِهم، لأنَّ الرِّجَال يختلفونَ أَيْضَاً في هَذِهِ الوثاقةِ!.
إنَّ العَمَلَ لَهُوَ بالمعكوسِ أيُّها الخَلْقُ المنكوسِ حَتَّى لَو تَبَنَّى طريقَتَكَ كُلُّ مَنْ تسمِّيهم شيعةً فَلا حُجَّةَ في ذَلِكَ.
فَمَا أَدْرَاكَ أنْ يَكُونَ أَكْثَرُ طائفَةِ الشيعَةِ عَلَى ضَلالٍ في هَذا وَمَعَ ذَلِكَ تَبْقَى الإمامَةُ هِيَ الدِّينَ؟!!.
وَهَلْ تَفْهَمُ هَذا الكَلامَ؟
أَشِكُّ أنَّكَ سَتَفْهَم!
فَلَو فَهِمَتْ الأمَّةُ جُمْلَةً واحدةً قالها عليٌّ (ع) يَوْمَ الجَّمَلِ لَمَا اختَلَفوا لَو أرادوا مَعْرِفَةَ الحَقِّ بإخلاصٍ. فقَدْ قَالَ كَلِمَةً هِيَ خيرٌ من كُلِّ مَا قالَهُ الخَلْقُ مُجْتَمِعينَ مُنْذُ خَلَقَ اللهُ آدَمَ مَا عدا أقوالِ رسولِ الله (ص) وأولياءِهِ.. قَالَ مخاطباً أحدُهُم:
(ويحَكَ إنَّ الحقَّ لا يُعْرَفُ بالرِّجالِ.. أعرفْ الحقَّ تَعْرِفْ أهْلَهُ، وأعرِفْ البَاطِلَ تَعْرِفُ أهلَهُ)
وَهَذِهِ الكَلِمَةُ مشهورةٌ وَلكنَّ العَمَلَ الجارِيَ ضدُّها تَمَامَاًَ، والقانونُ الأصوليُّ والكلاميُّ عكْسُها ولا غرابَةَ!! فَكَمْ مِنْ آيَةٍ في القرآنِ مشهورةٍ والعَمَلُ عَكْسُهَا تَمَامَاًَ؟!!
إنَّ مَنْ يُثْبِتُ الإمامَةَ بعليٍّ والأئِمَّةِ لَهُوَ كافِرٌ!
وَآَنْتَ تفْهَمُ وكُلُّ الناسِ يفهمُونَ أنَّ الإمامَةَ والعِصْمَةَ أُثْبِتَتْ عَن طريقِ الأئمَّةِ!!.
لقَدْ فَهِمَ أَحَدُ اليهودِ هَذا السرَّ الإلهيَّ، وأَرَادَ أنْ يَخْتَبِرَ دينَ الإسلامِ في هَذا، وَكَانَتْ تُحَدِّثُهُ نفسُهُ أنَّ محمَّداً لَو صَدَقَ وكَذَّبَ بِهِ فَإنَّهُ سَيَكْفُرُ فَلَمْ يطْلُبْ مُعْجِزَةً ولا أَرَادَ آيةً سماويةً ولا قَالَ أَيْنَ قرآنكم؟. فَجَاءَ من الروم وَلَيْسَ عنْدَهُ غَيْرُ هَذا السؤالِ حَيْثُ سَأَلَهُم قائلاً:
(هَلْ عَرَفْتُمْ ربَّكم بِمُحَمَّدٍ أَمْ عَرَفْتُمْ مُحَمَّداً بِرَبِّكُم؟)
لَكِنْ لسوءِ حظِّهِ فقَدْ تَوَجَّهَ بالسؤالِ أولاً إلى عُمَرَ!.. وَآَنْتَ بالطبعِ تَعْلَمُ أعلميَّةَ عُمَرَ بِهَذِهِ المسائلِ!.. فَرَجَعَ الرَّجُلُ عَلَى يهوديتِهِ لَولا علي ابن أَبي طالب عَلَيْهِ السَّلام الَّذي أجابه قائلاً: (…بَلْ عَرَفْنَا مُحَمَّدَاً بِرَبِّنَا).
ذَلِكَ أنَّ من يَقولُ عَرَفْتُ ربِّي بِمُحَمَّدٍ فَهْوَ كافرٌ دَرَى أَمْ لَمْ يَدْرِ بِكُفْرِ نفْسِهِ، والصحيحُ أنَّهُ عَرَفَ مُحَمَّداً بربِّهِ.
أَنْتَ الآنَ تناقِشُ الشيعَةَ بِهَذا المنطِقِ المقلوبِ وَكَأنَّ الإمامَةَ ثَبَتَتْ بقولِ الرِّجَالِ في الأئمَّةِ!!..
فهذِهِ مصادرة!!
فمن أَيْنَ يَعْلَمُ المِرْءُ وجْهَ الحُجَّةِ في الرِّجَالِ وأقوالِهِم؟.
وعليٌّ عَلَيْهِ السَّلام لا يُثْبِتُ الإمامة لنفسِهِ بقولِ نفسِهِ! كيف؟ وكلُّ رَجُلٍ بإمكانِهِ أنْ يقومَ ويقولَ في نفسِهِ مَا شَاءَ ويسمِّي نفسَهُ إمَامَاً!. وَعَلَى هَذا يتساوى المُدَّعِيَانِ الحقيقيٌّ والمُزَيَّفُ.
فَكَيفَ تعرِفُ الحقيقيَّ من المزَيَّفِ إذا كُنْتَ تَرْجَعُ لأقوالِ الرِّجَالِ مَرَّةً أُخْرَى؟
إذا كُنْتَ لا تَعْلَمُ أنَّ عِلْمَ الرِّجَالِ وُضِعَ أَصْلاً لجَعْلِ المُزَيَّفِ عَلَى قَدَمِ المساواةِ مَعَ الحقيقيِّ فاعْلَمْ هَذا الآنَ!.
وإذا كُنْتَ تَبْحَثُ عَن الحَقِّ بِمَا هُوَ حقّ فَمَا شأْنُكَ بِمَا يقولُهُ النَّاسُ قَلُّوا أو كَثَروا؟ …بَلْ أعرِفْ الحَقَّ أولاً، وعندئذ سَتَعْلَمُ موقعَ كُلِّ واحدٍ من الناسِ مِنَ الحَقِّ.
أَلاَ تَرَاهُ عَلَيْهِ السَّلام كَيْفَ يُثْبِتُ إمامَةَ نفسِهِ بِعِلْمِ غيرِهِ؟ فيقول: (عَلِمَ المستحفظونَ من أصحابِ مُحَمَّد أني لَمْ أرُدْ عَلَى اللهِ ورسولِهِ ساعَةً)؟
والاحتجاجُ المُكْتَمِلُ من جِهَةِ أنَّ غيرَ المُستحفظِ يعلَمُ يقيناً مَنْ هُوَ المستحفظ… فإذا شكَّ في وجودِ مستحفظٍ رَجَعَ الشكَّ إلى (مُحَمَّدٍ) نَفْسِهِ فَيَكْفُرُ الشاكُّ ويسقطُ الكلامَ عَن الإمامَةِ برمَّتِهِ، وينتقلُ الشكُّ إلى اللهِ. وَلَمَّا كَانَ اللهُ لا شكَّ فِيهِ: (أَفِي اللّهِ شَكٌّ؟).. والجوابُ: (لاشكَّ فِيهِ مُطْلَقَاً)، رَجَعَ الحديثُ إلى (مُحَمَّدٍ). فَهْوَ يدورُ بَيْنَ اللهِ وبَيْنَ من بلََّغَ رسالاتِهِ، ولا يخْرِجُ عَن هَذا الحيزِ قط. قَالَ تَعَالَى:
{يَا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنْكُم فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إلى اللهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنْتُم تُؤْمِنُونَ باللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً} (59) سورة النساء
وَآَنْتَ الآنَ تردُّ المنازَعَةَ إلى المتكلِّمينَ والباحثينَ في الإمامَةِ وتَعصي أمْرَ اللهِ تَعَالَى، ولا تَسْتَشْهِدُ بالقُرْآنِ ولا بقولِ الرسولِ!.
ثُمَّ تكذِبُ عَلَى عليٍّ بن أَبي طالبٍ وتقولُ هُوَ من المؤمنينَ بالشورى!

ح. وَمِنْهَا قوله عَلَيْهِ السَّلام

فَوَ اللهِ مَا أَدْري إلى مَنْ أشْكُو فَأَمَّا أنْ يَكُونَ الأنْصَارُ ظُلِمَتْ حَقّهَا وَأَمَّا أنْ يَكُونُوا ظَلَمُوني حَقِّي بَلْ حَقِّي المَأْخوذُ وَأَنَا المَظْلومُ فَقَالَ قَائِلٌ الأئِمَّةَ مِنْ قُرَيشٍ فَدَفَعُوا الأَنْصَارَ عَن دَعْوَتِهَا وَمَنَعوني حَقِّي مِنْهَا
مستدرك النهج/ ج5/ 201

واضحٌ أنَّهُ (ع) يؤكِّدُ عَلَى مفردَةِ (حقِّي) في ثلاثَةِ مواضعٍ، ويشيرُ إلى الظُلْمِ في ثلاثةِ مواضعٍ أُخْرَى.
ولو كَانَ هَذا الحَقُّ مُشْتَرَكاً كَمَا يَزْعَمُ هَذا الأفَّاكُ لَمَا جَازَ لَهُ عَلَيْهِ السَّلام أَنْ يُسَمِّيهِ حقَّهُ وَحَدُه، ولا جَازَ لَهُ أنْ يَدَّعي أَنَّهُ مَظْلومٌ، ولا جَازَ لَهُ الشكوى. ولو قَالَ هَذا القَوْلَ أيُّ واحدٍ من الصحابَةِ وَوَجَدْنَا أنَّهُم لا يَرِدُّونَ عَلَيْهِ ولا يُبطِلُون حجَّّتَهُ عَلِمْنَا أنَّهُ هُوَ الإمامُ المعصومُ المنصوصُ عَلَيْهِ، سواءٌ كَانَ القائِلُ اسمُهُ عليُّ بن أَبي طالبٍ أو زيدٌ بن مالكٍ أو أيُّّ اسمٍ آخرٍ!.
إنَّمَا علا عليٌّ في أنفُسِنَا بالإسلامِ، وفَاقَ الخَلْقَ بمُحَمَّدٍ وَكَانَ علياً بالوَصيَّةِ والنصِّ، وَلَيْسَ كَمَا يَفْهَمُ هَذا الكاتِبُ أنَّنَا أَكْرَمْنَا علياً بالوَصيَّةِ. فَنَحْنُ لا نَعْبِدُ الأوثانَ والأصنامَ كَمَا يَفْعَلُ سِوَانَا من المذاهِبِ، إِذْ عَبَدوهُم بَعْدَمَا رأوا الآياتِ وَثَبَتَت البيناتِ وظَهَرَ مِنْهُم الجورُ والظُلْمُ بِمَا مَلأَ الخافِقَينِ وسَارَتْ بِهِ الرُكْبَانُ، واستمرَّ عَلَى طوالِ الزمانِ إلى هَذا اليومِ.




ط. وَمِنْهَا قوله عَلَيْهِ السَّلام


في ذكر النبي (ص):
فَمَضَى صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ لسبيلِهِ وَتَرَكَ كِتَابَ اللهِ وَأَهْلَ بَيْتِهِ إمَامَيْنِ لا يَخْتَلِفَان، وَأَخَويْنِ لا يَتَخَاذَلانِ، وَمُجْتَمَعَيْنِ لا يَفْتَرِقَانِ.
المختار من الكتب – المستدرك ج5/ 200

النصّ واضحٌ وَلَمْ يأتِ بِهِ الكاتبُ الناصبُ ولا بِغَيْرِهِ من النصوصِ. وَهْيَ نصوصٌ معدودةٌ بالمئاتِ حَيْثُ ادَّعى أنَّ عليَّاَ بن أَبي طالبٍ لَمْ يَذْكُرْ شيئاً عَن الإمامَةِ الخاصَّةِ بِهِ وبذرِّيَتِهِ، وإنَّها من ترتيبِ متكلّمي الشيعَةِ فيما بعد.
فَمَاذَا تقولُ بحديثِ الثقلين عَن النبي (ص)، وبالكتابِ الَّذي أرادَ كتابَتَه يومَ رحيلِهِ فَمَنَعَهُ المنافقون بقيادَةِ عُمَرَ، وطَرَدَهُم (ص) مِنَ الدَّارِ بعد إنْ صبَّ عليهم لعناتٍ متواصلةً حَيْثُ لَمْ يخرجوا في جيشِ إسامةَ بن زيد؟ٍ!.
ألَيْسَ هَذا الكلامُ في مَجْرَى ذَلِكَ الحديثِ الشريفِ الَّذي أَثْبَتَهُ أصحابُ الحديثِ المؤيِّدينَ للشورى قَبلَ وجودِ شيءٍ من عِلْمِ الكلامِ؟.
ألا تَرَاهُ يشيرُ عَلَيْهِ السَّلام إلى اجتماعِ أهلِ البيتِ والقرآنِ وعَدَمِ افتراقِهِما؟!. وَهْوَ أمرٌ حجَّتُهُ قائمَةٌ الآنَ!!
ولكنَّكُم قَومٌ لا تفقهون.
فتعالوا أفَهِّمُكُم كيفَ أنَّ حجَّتَهُ قائمةٌ الآنَ بصورةٍ علميةٍ تجريبيةٍ محضةٍ معطياتها هِيَ ذات معطيات العلوم التجريبية:
ألَسْتُمْ تُقِرُّون أنَّ الرسولَ رحمةٌ للعالمين؟....
ستقولون: نعم!
ألَسْتُمْ تُقِرُّون أنَّ كتابَ الله رحمةٌ للعالمين؟....
ستقولون: نعم!
ألَسْتُمْ تُقِرُّون أنَّ تطبيقَ مَا فِيهِ يؤدِّي إلى هدايَةِ الخَلْقِ ونزولِ البركاتِ وزوالِ الأمراضِ وطولِ الأعمارِ وانعدامِ الظُلْمِ والجور؟....
ستقولون: نعم.
ألَسْتُمْ تَرُونَ أنَّ هَذا كلَّهُ لَمْ يحْصِلْ أَمْ أنَّهُ حصل؟....
ستقولون: لا لَمْ يحْصِلْ!
ألَسْتُمْ تُقِرُّون أنَّ عَدَمَ حصولِهِ هُوَ بِمَنْعٍ من اللهِ أو هُوَ بِسَبَبِ قيادَةِ المُسلمين؟....
ستقولونَ: بِسَبَبِ قيادَةِ المُسلمينَ وحاشا لِلَّهِ أنْ يَأْمُرَ بالشيءِ وَيَمْنَعَ منه!
ألَسْتُمْ تُقِرُّون أنَّ أئمَّتَكُم هُمْ قيادَةُ المُسلمينَ الأولى وأنَّ اللهَ أعطاكُمْ فرصةَ أنْ يَحْكُمَ ثلاثَةٌ مِنْكُم أحدُهُم مؤسِّسُ الشُّورَى؟....
ستقولون: نعم كَانَ ذَلِكَ!
لا أَنْـعَمَ اللـَّهُ عَلَيْكُم!!
ألَسْتُمْ تُقِرُّون أَنَّكُم جئْتُمْ إلى إمامِنا مثلما تلوذُ الغَنَمُ وتوسَّلْتُم إليه أنْ يَتَولَّى الأمْرَ من بعدِهِم؟
ستقولون: نعم كَانَ ذَلِكَ!
ألَسْتُمْ تُقِرُّون أَنَّكُم خدعتُمُوه وعصيتُمُوه بعد إنْ أَخَذَ عَلَيْكُم العهودَ والمواثيقَ، ووجَّهتُم إليه الجيوشَ من مِصْرَ والشامَّ والبصرةَ والأنبارَ والنهروانَ وخراسان.. فَكَأَنَّ حالُهُ بينكم غريباً مِنْ دونِ الثلاثةِ حَتَّى احتاجَ إلى الاحتجاجِ عَلَيْكُم بطاعتِكُم لَهُم وعصيانكم لَهُ؟! ستقولون: نعم كَانَ ذَلِكَ!
إذَنْ.. فالحُكْمُ لكم مُنْذُ ذَلِكَ العَهْدِ. ولا يُعْقَلُ أنْ يَكُونَ فَسَادُ العالَمِ كلِّهِ وتَفَرُّقُ الأمَّةِ وهوانُهَا وعَدَمُ وصولِ هَذِهِ الرحمةِ إلى هدفِهَا بِسَبَبِ ثلاثِ سِنِينَ من تأميرِ إمامِنَا مُقَابِلَ ألفٍ وأربعمائةِ سنَةً من تأميرِ أئمَّتِكُم؟.. ثلاثِ سنينٍ عَصَيْتُم وحارَبْتُم فِيْهَا إمامَنَا.
فالفَسَادُ فينا أَمْ فيكم؟ وَهَلْ تَرونَ الآنَ أنَّ حصولَكُم عَلَى الاجتماعِ والانتفاعِ من عِلْمِ الكتابِ مَعَ غيابِ إمامِنا مُحَالٌ أَمْ لا تَرونَ ذَلِكَ؟
وإذن.. فالكتابُ والعترَةُ لا يفترقان حقيقةٌ برهانُهَا الواقعُ التاريخيُّ نفسُهُ، إِذْ لا مانِعَ من رحمَةِ الكتابِ سِوَى غيابِ قرينِهِ وَهْوَ العترَةُ.
لا واللهِ لا تؤمنوا باللهِ ولا تشمُّوا ريحَ الجنَّةِ مَا لَمْ تؤمنوا بالعترَةِ ولو انْحَنَتْ ظهورُكُم من الصَّلاةِ، وتقطّعت لهواتُكُم من التسبيحِ، وأرجُلُكُم من المشي إلى الحَجِّ، وأنفَقْتُم مَا في الأرضِ وملئ الأرضِ ذهباً… لأنَّ اللهَّ تَعَالَى أكبَرُ من أنْ يصِفُهُ الواصفونَ، وَهْوَ تَعَالَى يُغَرْبِلُ الخَلْقَ ويَكْشِفُ عَن نواياهُم بأوامرٍ عجيبةٍ، لأنَّهُ يُريدُ أنْ يعبِدَهُ الخَلْقُ من حَيْثُ هُوَ يريدُ لا من حَيْثُ هُمْ يريدون!.
إِذَنْ ستنقَلِبُ المعادلةُ، وتسقِطُ العبادَةُ، وَلِذَلِكَ قَرَنَ عِلْمَ الكتابِ وظهورَ الرَّحْمَةِ بهؤلاءِ القومِ الَّذي تشمئِزُّ نفوسُكُم من ذكرِهِم استكباراً.
كَذَلِكَ فَعَلَ اللهُ تَعَالَى حِينَمَا أَرَادَ إخراجَ وكَشْفَ العنصرَ الخبيثَ من بَيْنِ الملائكةَِ!
فقَدْ تدرونَ أنَّ جبريل عَلَيْهِ السَّلام يَسِدُّ حجمُهُ المجموعَةَ الشمسيَّةَ أو هُوَ أكْبَرُ مِنْهَا، وَكَذَلِكَ لا نَعْلَمُ قوَّةَ باقي الملائكَةِ فابتلاهُمُ اللهُ بالسجودِ لآدمَ عَلَيْهِ السَّلام… آدمَ الَّذي لا جناحَ لَهُ ولا يطيرُ، وَهْوَ كائنٌ ضئيلُ الحَجْمِ صغيرُ الجِسْمِ قياساً للملائكةِ عليهم السَّلام، فَهْوَ مِثْلُ النَّمْلَةِ بالنِسْبَةِ للمدينةِ الكبيرةِ! ابتلاهُمُ اللهُ تَعَالَى بالسجودِ لهذا الكائنِ فأَعْلَنَ العنصرُ الخبيثُ بَيْنَهُم عَن رفضِهِ للسجودِ وكَشَفَ اللهُ نفاقَهُ!.
فَمِنْ رحمَتِهِ إِذَنْ أَنْ مَنَّ اللهُ سبحانَهُ عَلَيْكُم ببلاءٍ حسنٍ فَجَعَلَ الَّذينَ ابتلاكُمْ بِهِم بَشَرَاً مِنْ جنْسِكُم وأعطاهُمْ مِنَ الفضائِلِ والمعاجِزِ مَا يُغْري المرءَ باتّباعِهِم وعَدَمِ التكبُّرِ عليهم! وَمَعَ ذَلِكَ استكبرتُمْ وعتَوْتُم عتواً كبيراً.
وبالمقابلِ فإنَّ مَنِ استكْبَرَ عليهم سيعَذَّبُ عذاباً لا يعذَّبُ بِهِ إبليسُ نفسُهُ!
وَلِذَلِكَ قَالَ الصادِقُ عَلَيْهِ السَّلام في حديثِ الجُّبِّ:
(إنَّ في جهنَّمَ وادياً يشتكي أهلُ النارِ وسُكَّانُ جهنَّم مِنْ حَرِّهِ ونِتْنِهِ، وفي الوادي قُلَيبٌ يشتكي أهلُ الوادي مِنْ حَرِّهِ ونِتْنِهِ، وفي القُلَيبِ جُبٌّ يشتكي أهلُ القُلَيبِ مِنْ حَرِّهِ ونِتْنِهِ وَمَا أَعَدَّ اللهُ فِيهِ من العذابِ وفي الجُّبِّ تابوتٌ يَضِجُّ أَهْلُ الجُّبِّ من عذابِهِ وفي التابوتِ خَمْسَةُ نَفَرٍ).
أَفَتدري مَنْ هَؤُلاءِ الخمْسَةُ يا بنَ الماكرينَ المُفْتَرين؟ أنَّهُم الَّذينَ أحرقوا الأولياءَ، والذينَ ادَّعوا مَعَ اللهِ إلهاً آخرَ:
نمرودُ صاحِبُ إبراهيمَ عَلَيْهِ السَّلام وقابيلُ صاحِبُ هابيلَ وفرعونُ صاحِبُ موسى (وإعرابيانِ غليظَا القَلْبِ من هَذِهِ الأمَّةِ صاحبي مُحَمَّدٍ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلّم) .
أَعَرَفْتَهُما يا هَذا؟
قَالَ تَعَالَى:
{إِلاَّ تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذينَ كَفَرُواْ ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللّهَ مَعَنَا فَأَنزَلَ اللّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذينَ كَفَرُواْ السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} (40) سورة التوبة
فَهَذَا أَحَدُ الرَّجُلينِ وقَدْ أَثْبَتَ عَلَيْهِ الكُفْرَ في كُلِّ ألفاظِ الآيَةِ، وَذَلِكَ بملاحظَةِ الأمورِ الآتيَةِ:
الأمرُ الأوَّل: إنَّهُ خَرَجَ أوَّلاً مِنْ قِبَلِ الَّذينَ كَفَروا. ولا يُعْقَلُ أَنْ يُخرجُوا صاحبَهُ ويتركُوهُ. والإخراجُ إنَّمَا هُوَ للنبيِّ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلّم)، فَمَا قَالَ (أخرجوهما) بَلْ أخرجوا الرسول. وَأمَّا هُوَ فتطوَّعَ بالخروجِ لأجلِهِم فَأَصْبَحَ النبيُّ بعْدَهُ زمنياً. وَلِذَلِكَ أصبحَ ثانياً في الخروج مَعَ أنَّهُ أَوَّلٌ في الإخراجِ.. فافهم يا معتوه!.
الأمرُ الثاني: إنَّهُ فوجئَ بالانتقالِ إلى الغارِ فَمَا أدْرَكَ الموضِعَ ولا المسافَةَ وَحَبِطَ التخطيطُ، لأنَّهُ إنَّمَا خَرَجَ للإعلامِ بموضِعِ النبيِّ حَتَّى يقتلوه ففوجئ وَهْوَ في الغار: (إِذْ هما في الغار).
الأمرُ الثالِثُ: سمَّاهُ صاحِبَهُ وَهْوَ في القرآنِ خلافَ التابعِ في ستَّةِ عشر من المواضعِ فتدبّرْ وأفهم!.
الأمرُ الرابِعُ: إنَّهُ تَعَالَى أنْزَلَ السكينَةَ عَلَى النبيِّ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلّم) وحْدِهِ دونَ صاحبِهِ، لأنَّهُ لا يستحِقُّ. عِلْمَاً أَنَّ السكينَةَ تَنْزِلُ عَلَى المؤمنين في المواقِفِ كلِّها. قَالَ تَعَالَى:
{ثُمَّ أَنَزلَ اللّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنزَلَ جُنُودًا لَّمْ تَرَوْهَا وَعذَّبَ الَّذينَ كَفَرُواْ وَذَلِكَ جَزَاء الْكَافِرِينَ} (26) سورة التوبة
وَقَالَ تَعَالَى:
{إِذْ جَعَلَ الَّذينَ كَفَروا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا} (26) سورة الفتح
فأثبتَ تَعَالَى بِهَذا كونَهُ مِنْ غيرِ المؤمنين.
الأمرُ الخامسُ: إنَّهُ تَعَالَى أَيـََّدَ النبيَّ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلّم) وحدَهُ عِلْمَاً أنَّ التأييدَ ينزِلُ عَلَى المؤمنينَ، فراجع موارِدَ التأييدِ في القرآنِ ينكشِفُ لَكَ السِّرُ في الحال .
الأمرُ السادِسُ: إنَّهُ تَعَالَى أَيـَّدَ رسولَهُ بجنودٍ لَمْ يروها. وأبو بكرٍ مِنَ المُخاطبينَ قَطْعَاً فيدِلُّ عَلَى أنَّهُ لَيْسَ من الجنودِ، فَلَمْ يكُنْ مؤيَّداً بِهِم ولا مؤيِّداً مِنْهُم! فَهْوَ عنصرٌ غريبٌ.
الأمرُ السابِعُ: إنَّهُ تَعَالَى أَثْبَتَ عَلَيْهِ الحُزْنَ في هَذا الموضِعِ!. والموضِعُ موضِعُ خوفٍ لا حزنٍ. والحُزْنُ هُوَ دَوْمَاً عَلَى مَا فاتَ، والخوفُ هُوَ دَوْمَاً مِمَّا يُحْتَمَلُ أَنْ يأتيَّ مستقبلاً!.
وَلَمَّا كَانَ أَبو بكرٍ حزيناً لا خائفاً دلَّ ذَلِكَ عَلَى وجودِ شيءٍ فاتَهُ.. وَلَمْ يَفِتْهُ شيءٌ سِوَى نجاةِ الرسولِ.. فافْهَمْ وراجِعْ موارِدَ الخوفِ والحُزنِ في القرآنِ تظْهَرُ لَكَ جلِيَةُ الحَالَ.
الأمرُ الثامِنُ: إنَّهُ تَعَالَى أَثْبَتَ وجودَ كلمتَينِ في الغَارِ أحدُهمَا كَلِمَةُ اللهِ الُعُلْيَا وَهْوَ رسولُ اللهِ، والأخرى كَلِمَةُ الَّذينَ كَفَروا وَهْوَ أَبو بكر.
وَلِذَلِكَ فلاحِظْ الاتّفاقَ العجيبَ بَيْنَ هَذِهِ الآيةِ وبَيْنَ آخرِ آيةٍ نَزَلَتْ في حُجَّةِ الوداعِ لَمْ تَنْزِلْ بعْدَهَا إلاَّ آيَةُ النِعْمَةِ وسورَةُ النَّصْرِ، وَهْيَ قَولُهُ تَعَالَى:
{يَحْلِفُونَ باللهِ مَا قَالُواْ وَلَقَدْ قَالُواْ كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُواْ بَعْدَ إِسْلاَمِهِمْ وَهَمُّواْ بِمَا لَمْ يَنَالُواْ وَمَا نَقَمُواْ إِلاَّ أَنْ أَغْنَاهُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ مِن فَضْلِهِ فَإِن يَتُوبُواْ يَكُ خَيْرًا لَهُم وَإِن يَتَوَلَّوْا يُعَذِّبْهُمُ اللّهُ عَذَابًا أَلِيمًا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمَا لَهُم فِي الأَرْضِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ} (74) سورة التوبة
نزلت في الثلاثَةِ المتآمرينَ الَّذينَ كَشَفَهُم حُذَيفَةُ بن اليمَّانِ حَيْثُ قالوا حِينَمَا عَقَدَ النبيُّ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلّم) لعليٍّ (عَلَيْهِ السَّلام) البيعةَ: (هَذا لا يكونُ قط)، واتَّفَقوا أَنْ يجعلوا أبا بكرٍ مِنْ بعْدِهِ ويقتلوا عليَّاً. فأشارَتِ الآيَةُ إلى إمكانيَّةِ حصولِ خلافتِهِ بَعْدَ كُفْرِهِم وَعَدَمِ قُدْرَتِهِم عَلَى قَتْلِ عليٍّ عَلَيْهِ السَّلام.. وقَدْ وَرَدَ تفسيرُ الآيَةِ عَن أهلِ البيتِ عليهم السَّلام في سبعَةِ أحاديثٍ، وأنَّ المقصودَ بـ (كَلِمَةِ الكُفْرِ) هُوَ أَبو بكر .
فأنْ كُنْتَ صادِقَاً فأَخْبِرْنَا مَنْ هَؤُلاءِ الَّذينَ حَلَفوا؟ وعَلامَ حَلَفوا؟ وكَيفَ كَفَروا بعد إسلامِهِم؟ وبماذا هَمُّوا؟. فَإِنَّكَ مِنْ أصحابِ الشُّورَى، وتقولُ (كُلُّ الأصحابِ عدولٌ)، والقرآنُ يقولُ إنَّ هُنَاكَ مَنْ كَفَروا بَعْدَ إسلامِهِم وقالوا كَلِمَةَ الكُفْرِ!.
حَدَثَ ذَلِكَ قَبْلَ رحيلِ النبيِّ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلّم). ومعلومٌ أنَّ القرآنَ لا يَذْكِرُ قوماً لا أهميَّةَ لَهُم!، إنَّهُ يَذْكِرُ قوماً هَمَّوا بقضيةٍ مرتبطةٍ بالرسالةِ والرسولِ والكُفْرِ والإيمانِ!.
أخْبَرَ حذيفَةُ النبيَّ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلّم) بالمؤامَرَةِ حَيْثُ كَانَ نائماً في الخيمَةِ المجاورَةِ اللصيقَةِ بخيمَتِهِم وَلَمْ يعلَمُوا بِهِ. وَحِينَمَا انْتَهَرَهُم وهدَّدَهُم بإخبارِ النبيِّ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلّم) قالوا: (والله لنحلفَنَّ مَا قُلْنَا ونَحْنُ ثلاثةٌ وَآَنْتَ واحدٌ، فَهَلْ تَرَى أنَّهُ يكذِّبُنَا ويُصَدِّقُكَ؟).
لقَدْ كَانَ النبيُّ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلّم) يُعامِلُ المنافقينَ عَلَى الظاهِرِ لا عَلَى الباطِنِ مَعَ عِلْمِهِ بالظاهِرِ والباطِنِ. وَجَرَتْ أوامِرُ الوحي عَلَى هَذا القانونِ، لأنَّهُ تَعَالَى أمْهَلَهُم إلى يومٍ تَشْخُصُ فِيهِ الأبْصَارُ {مُّهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِ يَقُولُ الْكَافِرُونَ هَذا يَوْمٌ عَسِرٌ} (8) سورة القمر
وَيحَ هَذِهِ الأمَّةِ.. فانْظُرْ إليها كَمْ ألَّفَتْ من الكُتُبِ في ترهاتِهَا الخاصَّةِ؟‍ فَهَلْ تَقْدِرُ عَلَى إحصاءِ كُتُبِ اللغَةِ والفقْهِ والأدَبِ؟
إنَّهَا لا تُحْصَى.
وَلكنَّ انظر هَل ألَّفَتْ كتاباً وَاحِدَاً في موضوعِ النفاقِ؟.
كلاَّ.. مَعَ أنَّ آياتِ المنافقينَ هِيَ مِنَ الكثرَةِ والتنوُّعِ، وتتضمَّنُ علوماً في العقائد وعلْمِ النفسِ الجماعيِّ والفرديِّ مَا لا يَخْطِرُ عَلَى قَلْبِ مخلوقٍ!.
لِماذَا؟ لأنَّ السرَّ ينكَشِفُ في آياتِ المنافقين ويظْهَرُ المستورُ. فلعنةُ اللهِ عَلَيْكَ أيُها الكاذِبُ حَيْثُ تَجْعَلُ الأَمْرَ شُورَى، فَإنَّهُ لا يَغْلِبُ في الشُّورَى غَيْرَ المنافِقِ.
بَلْ الأكيدُ لا يَغْلِبُ إلاَّ هُوَ. لأنَّ اللهَ تَعَالَى قَالَ عن المنافقينَ:
1. تُعْجِبُكَ أجْسَامُهُم:
{وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِن يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُّسَنَّدَةٌ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ} (4) سورة المنافقون
2. إنْ يَقولوا تَسْمَعُ لقولِهِم:
كَمَا في الآيَةِ السابقَةِ‍!!
3. يَشْهَدُ اللهُ عَلَى مَا في قلوبِهِم:
{وَمِنَ النَّاسِ مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهْوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ} (204) سورة البقرة
4. كَاذِبون:
{لَو كَانَ عَرَضًا قَرِيبًا وَسَفَرًا قَاصِدًا لاَّتَّبَعُوكَ وَلَكِن بَعُدَتْ عَلَيْهِمُ الشُّقَّةُ وَسَيَحْلِفُونَ باللهِ لَو اسْتَطَعْنَا لَخَرَجْنَا مَعَكُمْ يُهْلِكُونَ أَنفُسَهُمْ وَاللّهُ يَعْلَمُ أنَّهُم لَكَاذِبُونَ} (42) سورة التوبة
وفي القران آياتٌ أُخْرَى تشيرُ إلى كذبِهِم!!
5. مُسْتَعْجِلون:
{قُل لَو أَنَّ عِندِي مَا تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ لَقُضِيَ الأَمْرُ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَاللّهُ أَعْلَمُ بِالظَّالِمِينَ} (58) سورة الأنعام
6. يتقَدَّمونَ في السِلْمِ أَمَامَ الصُّفوفِ:
{لَو كَانَ عَرَضًا قَرِيبًا وَسَفَرًا قَاصِدًا لاَّتَّبَعُوكَ وَلَكِن بَعُدَتْ عَلَيْهِمُ الشُّقَّةُ وَسَيَحْلِفُونَ باللهِ لَو اسْتَطَعْنَا لَخَرَجْنَا مَعَكُمْ يُهْلِكُونَ أَنفُسَهُمْ وَاللّهُ يَعْلَمُ أنَّهُم لَكَاذِبُونَ} (42) سورة التوبة
7. يَتَرَاجَعونَ في الحَرْبِ إلى الوَرَاءِ:
{يَا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُواْ مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انفِرُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الأَرْضِ أَرَضِيتُم بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ إِلاَّ قَلِيلٌ} (38) سورة التوبة
8. يُخَادِعون اللهَ والَّذينَ آمَنوا:
{يُخَادِعُونَ اللّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلاَّ أَنفُسَهُم وَمَا يَشْعُرُونَ} (9) سورة البقرة
9. المُسْلِمونَ (سَمَّاعونَ لَهُم):
{لَو خَرَجُواْ فِيكُم مَا زَادُوكُمْ إِلاَّ خَبَالاً ولأَوْضَعُواْ خِلاَلَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُم وَاللّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ} (47) سورة التوبة
10. يَحْلِفُونَ باللهِ مَا يُرِيدونَ غَيْرَ الحُسْنَى:
{فَكَيْفَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ثُمَّ جَآؤُوكَ يَحْلِفُونَ باللهِ إِنْ أَرَدْنَا إِلاَّ إِحْسَانًا وَتَوْفِيقًا}
(62) سورة النساء
11. يَنْشِرونَ إشَاعَاتِ الاستِضْعَافِ للمُؤْمنينَ:
كَمَا في آية التوبة السابقة.
12. يُعْلونَ أصواتَهُم بالدَعْوَى إلى الإصْلاحِ وحَقِيقَتُهُم أنَّهُم مُفْسِدون:
{وَإِذَا قِيلَ لَهُم لاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ قَالُواْ إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ} (11) سورة البقرة
والى صفاتٍ لَهُم أُخْرَى كثيرةٌ..
فَمِنَ الطبيعي أنْ يُتَابعَهُم الناسُ ويترِكونَ الأولياءَ، لأنَّ أكثرَهُم فاسقون.

عَودَةٌ إلى ذِكْرِ أَقْوَالِهِ عَلَيْهِ السَّلام في الإمَامَةِ:

ي. وَمِنْهَا قَولُهُ عَلَيْهِ السَّلام

لا يُقَاسُ بآلِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِهِ مٍنْ هَذِهِ الأمَّةِ أَحَدٌ ولا يُسَوَّى بِهِم مَنْ جَرَتْ نِعْمَتُهُم عَلَيْهِ أَبَدَاً: هُمْ أَسَاسُ الدِّينِ وعَمَادُ اليَقِينِ. إلَيْهِم يَفِيءُ الغَالِي. وبِهِمْ يَلْحِقُ التَالِي وَلَهُم خَصَائِصُ الوِلايَةِ. وفِيهِم الوَصِيَّةُ والوِراثَةُ. الآنَ إِذْ رَجَعَ الحَقُّ إلى أَهْلِهِ ونُقِلَ إلى مُنْتَقَلِهِ.
الخطبة/ رقم 2/ الفقرة الرابعة

مَعَ هَذا كلِّهِ يقولُ المُنافِقُ أنَّهُ بَحَثَ في نَهْجِ البلاغَةِ كلِّهِ فَمَا وَجَدَ فِيهِ إشارةً إلى إمامةِ أهلِ البيتِ عليهم السَّلام وحَصْرِ الإمامةِ فيهم. واستَشْهَدَ بفَقَرَةٍ واحدَةٍ ستأتيك قريباً مثلما فَعَلَ الأفَّاكُ المصريُّ الكَذوبُ عمارَةُ(1) الهَدْمِ حِينَمَا قَالَ نَفْسَ القولِ واستَشْهَدَ بِنَفسِ الفَقَرَةِ!.
عجباً لهؤلاءِ فإنِّي لا أعجبُ من جُرْأتهِم عَلَى اللهِ ورسولِهِ، ولكنِّي أعْجِبُ لمهانَتِهِم في هَذِهِ الدُّنْيَا!.
أَفَلاَ يحتاجونَ إلى قُرَّاءٍ ومشترينَ لِمَا أنفقوا؟ أَمْ أنَّ الناسَ أصبحوا يفضِّلون الأكاذيبَ، وأنَّ الصِدْقَ سلعتُهُ ثقيلةُ الحرَكَةِ في سوقِ الأفكارِ؟.
هَذا محتملٌ جِدَّاً.. فإنَّ أكثرَ الخَلْقِ يتحوَّلونَ بالتدريجِ إلى بهائمَ لا تميِّـزُ، وأَلاَّ كيف تبقى قِلَّةٌ تدخِلُ الجنَّةَ، بَيْنَمَا الأكثريَّةُ إلى النارِ كَمَا قَالَ الله تَعَالَى؟.
أَلا تَرَى في هَذا النصِّ أنَّهُ عَلَيْهِ السَّلام:
1. رَفَضَ قياسَهُم بأيِّ واحدٍ من الأمَّةِ؟
فأينَ مَا زَعَمْتَهُ من مفهومِ الأولويةِ؟
2. يقول أنَّهُم أساسُ الدِّينِ.. فإذا لَمْ يُولُّوا لَمْ يَبْقَ دِينٌ؟.
وَهَذا هُوَ الواقعُ المُعَاينُ أَمْ تسمِّي هَذا الواقِعَ الَّذي فِيهِ المسلمون ـ مَعَ امتلاكهم كُلّ الثروات ـ أذلُّ للأجنبي من الأَمَةِ لمالِكِها واقعاً دينياً؟
3. يقولُ أنَّهُم الحالُ الأوسَطُ الحقيقيُّ الَّذي يَجْمَعُ ويجتَمِعُ عَلَيْهِ الغالي والقالي؟.
4. يقولُ أنَّ لَهُم خصائصَ الولايَةِ والوصيَّةِ والوراثَةِ؟.
5. جَعَلَ للحقِ أَهْلاً. وَقَالَ هَذا الكلامَ عِنْدَ خلافَتِهِ ولا يَجوزُ لَهُ ذَلِكَ لَولا المعاني المتقَدِّمَة في الخِطَابِ.
فَقُلْ للأفَّاكِ الكَذوبِ: عَن أيِّ صحابةٍ تتحدَّثُ؟
وعن أيِّ مقارنةٍ وقياسٍ تتكلَّمُ؟
وعن أيِّ شُورَى تتكلّم؟

صَاحَبُوهُ وَنَافَقُـوا في هَـَواه فَهَـووا في جَحِيمِهَا ولِظَاهَــا
نَقَضُوا عَهْدَ أَحْمَدٍ في أَخِيـهِ وَأَذَاقـُوا البَتُـولَ مَا أَشْجَـاهَا
لَمْ يَذُوقُوا الهُدَى وَلَو طَعِمُوهُ عَرَفـُوا لِلْنَبِيِّ قَـدَرَاً وَجَاهَــا
مَا لَكُمْ قَدْ مَنَعْتُمُوهُمْ حُقُوقَـاً أَوْجَـبَ اللهُ في الكِتَابِ إدَاهَـا
تَدَّعُونَ الإسْلامَ إفْكَـاً وَزُورَاً كَـذَبَـتْ أمَّهَاتُكُـم بِادِّعَاهَـا
لَمْ نَسَلْكُمْ لِحَاجَةٍ واضـْطِرَارَاً بَلْ نُدِّلُّ الوَرَى عَلَى تَقْواهَــا
هَذِهِ البُـرْدَةُ الَّتي غَضَبَ اللهُ عَلَى كُلِّ مَنْ سِـوَانَا ارْتَدَاهَـا
فَخُـذُوهَا مَقْـُرونَةً بِشَنـَارٍ غَيْـرَ مَحْمـودَةٍ لَكُمْ عُقْبَاهَـا
وَالبِسُــوهَا لِبَاسَ عَارٍ وَنَارٍ قَدْ حَشَوْتُمْ بِالمُخْزَيَاتِ وَعَاهَا
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
ولقَدْ علم المستحفظون من أصحاب مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وآله إني لَمْ أردّ عَلَى اللهِ ولا عَلَى رسوله ساعةً قط.
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» لماذا نحب رسول الله صلى الله عليه وسلم...!!♥♥
» تفسير بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
»  شرح : إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ
» الفرق بين كلمة (( إن شاء الله )) و (( إنشاء الله )) .. مهم جداً
» من فتاوى رسول الله صلى الله عليه وسلم للنساء

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى الأسرة العربية لصيد الفوائد :: إسلاميات :: المنتدى الإسلامي العام-
انتقل الى:  
مواقع صديقة
الأسرة الشامل | صور و خلفيات – قنوات فضائية