كفارةٌ لدائين الغيبة و النميمة
بسم الله خير الأسماء في الأرض وفي السماء
بسم الله الرحمن الرحيم
كل أمر ذي بال لم يبدأ بسم الله فيه فهو ابتر
اللسان نعمة عظيمة منَّ الله تعالى بها على خلقه فهو ترجمان القلب وما تقع عليه
العين وما تسمعه الأذن ؛ ولكن تلك المضغة الصغيرة قد تتحول إلى سلاح فتاك
يودي بصاحبه إذا اطلق لها العنان وسرحها بلا زمام وأرسلها بلا خطام .
فأضرار اللسان عظيمة وأخطاره جسيمة ومن أعظم آفاته و أشد زلّاته الغيبة والنميمة
قال تعالى :
{ وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ } الحجرات : 12
وقال تعالى :
{ وَلَاتُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ * هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ } القلم:10،11
عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
( المسلم أخو المسلم لا يخونه ولا يكذبه ولا يخذلهُ. كل المسلم على المسلم حرامٌ عرضه وماله ودمهُ ،
التقوى هاهنا، بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم ) رواه الترمذي / والغيبة تتناول العرض .
وعن حذيفة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لا يدخل الجنة نمام )
وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مرّ بقبرين فقال :
إنهما يعذبان وما يعذبان في كبير ؛ أما أحدهما فكان يمشي بالنميمة وأما الآخر فكان لا يستتر من بوله ) رواه البخاري ومسلم
وقال صلى الله عليه وسلم : ألا أخبركم بشراركم ؟ قالوا : بلى ؛ قال : المشّاؤون بالنميمة المفرقون بين الأحبة الباغون للبراء العنت ) رواه أحمد
~؛*
و الغيبة هي : ذكرك أخاك بما يكره في غيبته .
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
أتدرون ما الغيبة ؟ قالوا الله ورسوله أعلم ، قال : ذكرك أخاك بما يكره ؛ قيل :
أفرأيت إن كان في أخي ما أقول ؟ قال : إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته ؛ وإن لم يكن فيه ما تقول فقد بهته ) رواه مسلم
أما النميمة فهي :
نقل كلام بعض الناس لبعض بقصد الإفساد وإيقاع العداوة والبغضاء
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
( هل تدرون من شراركم ؟ قالوا : الله ورسوله أعلم ؛ قال : شراركم ذو
الوجهين الذي يأتي هؤلاء بوجه وهؤلاء بوجه ) متفق عليه
وتجدر الإشارة بأن زلات اللسان لا تقتصر على النطق فقط بل تشمل الكتابة أيضاً فالقلم أحد اللسانين
والواجب على المغتاب أو النمام أن يندم ويتوب ويتأسف على ما فعله ليخرج به
من حق الله تعالى ثم يستحل ممن أخطأ في حقه بـ ( غيبة أو نميمة ) ليحله فيخرج من مظلمته
وقيل : يكفيه الإستغفار له دون الإستحلال واستدل في ذلك بما روى أنس ابن مالك
قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : كفارة من اغتبته أن تستغفر له
وقال مجاهد : كفارة أكل لحم أخيك أن تثني عليه وتدعوا له بالخير .
~؛*
بفضل ومنّة من الله تعالى اجتهدت في كتابة هذا الدعاء
أسأل الله أن تعمّ به المنفعة وأن يجعله خالصاً لوجهه الكريم :
~؛*
اللهم إني اسألك بأسمائك الحسنى كلها ما علمت منها وما لم أعلم
واسألك يا إلهي باسمك العظيم الأعظم الذي إذا دعيت به أجبت
و إذا استغفرت به غفرت وإذا استعفيت به عفيت وإذا استحفظت به حفظت
أن تحفظ لساني وألسنة المسلمين من الغيبة والنميمة والبهتان وطول اللسان
ومن سائر الأقوال الذميمة والبذيئة كلها ؛ اللهم إني أعوذ بك من عثرات اللسان
وغفلات الجنان واستغفرك من قول يعقبه الندم أو فعل تزل به القدم
اللهم إن لك عليّ حقوقاً كثيرة فيما بيني وبينك وحقوقاً كثيرة فيما بيني
وبين خلقك اللهم ما كان لك منها فاغفره لي وما كان لخلقك فتحمّله عنّي
إلهي إلهي إلهي كما لطفت بعظمتك دون اللطفاء وعلوت بعظمتك على
العظماء وعلمت ما تحت أرضك كعلمك بما فوق عرشك فكانت وساوس
الصدور كالعلانية عندك وعلانية القول كالسر في علمك وانقاد كل شيئ
لعظمتك وخضع كل ذي سلطان لسلطانك وصار أمر الدنيا والآخرة كلّه
بيديك اسألك يا مولاي وسيدي أن تصبب سجال عفوك ورحمتك
وغفرانك على كل من طاله أذىً بلساني وعلى كل من له حقٌّ عندي
اللهم اغفر لهم وارحمهم وعافهم واعفوا عنهم وارضى اللهم عنهم رضىً
تحلّ به عليهم جوامع رضوانك وتحلّهم به دار كرامتك وأمانك ومواطن عفوك
وغفرانك ؛ اللهم أدرّ عليهم لطائف برّك واحسانك واغفر لهم مغفرة جامعة
تمحوا بها سالف أوزارهم وسيّئ اصرارهم ؛ وارحمهم رحمة تنور لهم بها في
الدنيا والآخرة وتؤمّنهم بها يوم الفزع عند نشورهم اللهم ردهم إليك ردّاً جميلا
واجعلهم من عبادك الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون ؛ إلهيما عصيتك
حين عصيتك استهانة بك ولا استخفافاً بعذابك ولكن بسابقة سبق بها علمك
فالتوبة إليك والمغفرة لديك لا إله إلا أنت ظلمت نفسي واعترفت بذنبي فاغفر لي
ولا حول ولا قوة إلا بك ؛ إلهي مَنْ أوْلَى بالزّلل والتقصير مني وقد خلقتني ضعيفا
ومَنْ أَوْلى بالعفو منك وعلمك بي سابق وقضاؤك بي محيط أطعتك بإذنك والمنتهى
إليك وعصيتك بعلمك والحجة لك إلهيإن مغفرتك أرجى من عملي وإن رحمتك
أوسع من ذنوبي فإن لم أكن أهل لأن أبلغ رحمتك فإن رحمتك أهل لأن تبلغني ؛ إلهي
إن حسناتي من عطائك وإن سيئاتي من قضائك فَجُدْ بما أعطيت على ما قضيت
وامحُ ذلك بذلك جللت أن تطاع إلاّ بإذنك وأن تعصى إلا بعلمك ؛ إلهي لا براءة لي
من ذنب فأعتذر ولا قوة لي فأنتصر ولكنني مذنبٌ مستغفر فعاملني يا مولاي بإحسانك
وتداركني بفضلك وامتنانك وتولّني برحمتك وغفرانك وثبتني على نهج الإستقامة
وأعذني من موجبات النّدامة وخفف عنّي ثقل الأوزار وارزقني عيشة الأبرار
واكفني واصرف عني شر الأشرار واعتق رقبتي ورقاب المسلمين من النّار
برحمتك يا أرحم الراحمين .