مراكش.... جوهرة المغرب

.. مراكش.... جوهرة المغرب




مسجد الامير على بن يوسف المرابطي وسط المدينة




1- اصل التسمية :



من الشائع في الوثائق والمصادر القديمة ان مراكش بفتح الميم وتشديد الراء المقتوحة وضم الكاف .فقد اشار ياقوت الحموي ان هناك من ينطق الكاف بالكسر .واستعمل صاحب كتاب التبيان عبارة مروكش بفتح الميم وضم الراء المشدزدة وضم الكاف .


وحسب جورج كولان انها اصل التسمية الاسبانية marroccos او هو تعريف لها .ويغتقد دوفردانDEVERDIN ان عبارة مراكش بميم مضمومة وراء مفتوحة مشدودة وكاف مكسورة من صنع المتاخرين الدين حاول اضقاء الصيغة العربية على التسمية كابن خلكان ..وحاجي خليفة [1].


وبهدا تبقى التسمية الاولى-أي مراكش هي الاصلية والجديرة بالحسبان.ولا يخلو مدلول الكلمة من من تناقض واخد ورد من طرف المؤرخين .فعند صاحب المعجب انها سميت باسم عبد اسود كان يستوطنها يخيف الطريق اسمه مراكش...]2[


والبعض يميل الى القول بان الموضع الدي بنيت فيه المدينة هو الدي يحمل هدا الاسم .ومعناه بلغة المصامدة –امش مسرعا – لكونه كان مأوى للصوص و المارون فيه يقولون لرفقائهم هده الكلمة .فعر الموضع بها [3]


ومن الصعب التحقيق في الكلمة للاختلاف الحاصل بين لهجة المصامدة الاصلية ولهجتهم اليوم .واقرب مدلول وجدناه للكلمة هو [أمر] بمعنى اسرع.والدي يفيد معنى [مر مسرعا ] هو [ اكزول ..[4].


وسواء دلت الكلمة على اسم شخص او اسم موضع فالرابط بين المدلولين واحد وهو ان المكان كان قفرا .وقد قال عنه صاحب –كتاب الحلل الموشية –[ وهو خلاء لا انيس به الا الغزلان .والنعام .ولا ينبت فيه الا السدر والحنظل ...][5].


ويرى المؤرخ احمد التوفيق ان اسم مراكش مركب من كلمتين :


-مر ..او أمر ومعناها عند الصنهاجيين –الحماية – او الموضع المتمتع بها .الحمى


و [اكش] از [ اكوش] بمعنى الله ...وبدلك يكون معنى الكلمة هو [حمى الله ].


وطرأت على الكلمة تغييرات لفطية اثبتها الباحث حتى اصبحت تنطق [مراكش ]


أي حمى الله .او المكان الدي ترعى فيه عهود الله .ومواثيقه





2--اختيار الموقع :



لميكن اختيار الموقع بالمصادفة لكن كان بتدبيرومعاينة وتشاور.ففي كتاب البيان المغرب.انه في سنة 461ه[ ضاق المجمع بمدينة اغمات وريكة عن الخلق فيها.فشكا اشياخ اوريكة وهيلانة بدلك الى الامير ابي بكر بن عمر مرة بعد اخرى .الى ان قال لهم : عينوا لنا موضعا ابني فيه مدينة ان شاء الله تعالى ......[5]


وبعد المشاورة اتفق اشياخ قبائل مصمودة على مكان محايد بين القبيلتين المتنافستين في المنطقة [هزميرة و هيلانة ] ...قال :[فوقع تدبيرهم ان يكون موضع تلك المدينة بين بلاد


بلادهيلانة وبين بلاد هزميرة .فعرفوا بدلك اميرهم ..[6]


والمتفق عليه ان ابا بكر بن عمر اشترى الموضع بماله الخاص الدي خرج به من الصحراء [7].


لدلك يمكن القول ان اختيار موقع المدينة خضع لعدة عوامل :


1- حياد الموقع بين القبيلتين .هزميرة وهيلانة .


2- الطبيعة الصحراوية للموضع ..لكون المرابطين الصحراويين لا يناسبهم مكان كثير الاغراس والمياه ..لدلك ابتعدوا عن وادي تانسيفت . وردوا على من اقترح من سكان اغمات النزول عنده ...[ نحن من اهل الصحراء ..ومواشينا معنا لا يصلح لنا السكن على الوادي ][ البيان المعرب 4/19]..وقد عبر عبد الواحد المراكشي عن نفس التفسير .ورد اتخاد لمتونة ومصمودة مدينة مراكش عاصمة لهم . لا لانها خير من فاس .. ولكن لقربها من جبال المصامدة وصحراء لمتونة ...[المعجب في تاريخ المغرب .ص358.]]8]


3- موقع مراكش يصلح لاقامة معسكر ..وهو مافكر فيه المرابطون اول الامر ..ومنها يسهل مراقبة سكان الجبال وتأمين هجوم المصامدة وتشرف على سهول الحوز لوقوعها في جانبها الشرقي ..وسهولة مراقبتها الى حدود الجبيلات ... يقول صاحب كتا ب البيان المغرب الصفحة 19 ج 4:[ وزمام جبل درن بيد اميرها طول زمانها ][9]


كما ام ارض مراكش صلبة وماؤها قريب [ تمكن ابن يونس من استغلاله في بناء الخطارات –].. والسهول المحيطة بها تؤمن لها الغداء ..


نظر اشياخ المصامدة الى هده الاهداف واختاروا بدلك البقعة الارضية المحققة لها ..ودلك بما لهم من دراية وتجارب عمرانية سابقة ..فهم بناة اغمات ايلان ..واغمات اوريكة .. وتمت موافقة المرابطين على اقتراحهم ..لما للبقعة المتفق عليها من تشابه مع البيئة الصحراوية التى عاشوا فيها من قبل ..



4- البناء والتعمير :



من سنة 459- الى 462 هجرية تم تشيد قصر الحجر لاقامة الامير المرابطي وتخد الناس في تشييد مساكنهم.[10]


ان عملية البناء لم تكن شاملة لان المرابطين يفضلون سكنى الخيام ولم يفكروا في تسوير المدينة الا مع ظهور محمد بن تومرت وحركة الموحدين وشنهم الغارات على العاصمة المرابطية . الحلل النوشية في دكر الاخبار المراكشية ص:97-98.[11]


فطبيعة المرابطين تميل الى الافاق الرحبة وتنفر من البناء والتسوير . واكتفوا بسور الحجر –او قصر الحجر – الدي يحفظ سلاحهم واموالهم ..


لكن بتغير الظروف والاحوال اضطروا اطظرار الى تسوير المدينة .


ان القاضي ابا الوليد بن رشد كان من ضمن الفقهاء الدين تمت مشاورتهم في امر البناء في عهد الامير علي بن يوسف سنة 519ه. واسغرق البناء ثمانية اشهر ..وفتحوا ابواب المدينة التى تحرس بعد صلاة المغرب ..


وسميت الابواب باسماء الجهات التى توجد بها ..باب اغماث-باب هيلانة[ايلان]


باب فاس- باب مسوفة- باب دكالة – باب نفيس-..


وابواب بنيت لاسباب خاصة :مهن وظائف وغيرها ..: مثل باب الدباغين – وباب المخزن – القريب من قصر الحجر. وباب الشريعة [ الدي تنفد امامه الاحكام الشرعية ] وباب الصالحة المؤدي الى الحدائق المعروفة بهدا الاسم [جنان الصالحة ].


وفيما بعد فتحت ابواب كباب اكناو وباب الرب على عهد الموحدين وباب اغلي –باب احمر- القصيبة .. ودلك على عهد العلويين .


فبعد بناء قصر الحجر ومسجد بن يوسف .شيد على عهد على بن يوسف مسجدا اخر وبجانبه الاسواق.. وحولهما الاحياء السكنية .وهي اسول وكانت بهدا الحي تسكن لمتونة . وحارة الصورة وتسكن هدا الحي اسرة الامير ... واصهاره.


وزاوية الحضر – وازبزط- واسبتين – وفيه نزل بعض بعض النازحين من مدينة سبتة. الى العاصمة ..


وحي الموقف وبه سوق العمل .وهو حي خاص بالطبقة الفقيرة العاملة ..وحي باب الدباغ يسكنه الاغماتيون الدين نقلوا خبرتهم في دباغة الجلود الى المدينة .marrakech des origines a 1912 .p.78-79 ..[12]


وراعى على بن يوسف عند ادارة السور على المدينة وجود المسجد في وسطها ..مع ترك مساحات واسعة تستجيب لتطور المدينة العمراني ..وكانت الابواب اكثر قربا من المنازل السكنية .


والابوبا الاكثر نشاطا هي :


- باب فاس . ويسمى باب الخميس ..


- باب الدباغ .


- باب اغماث.


ونتوجد هده الابواب في الجهة الشرقية من المدينة ..حيث دفن علماء واولياء ورجالات المدينة خلال العصرين المرابطي والموحدي ...


لقد شعر سكان مراكش بضرورة التكثل والتجمع اثر هجمات الموحدين للمدينة وحصارها ..واطظروا لتنظيم وسائل الدفاع عن انفسهم واموالهم .وتجسد هدا الشعور خلال فترة الحصار الطويلة للمدينة [ عدة اشهر ] ويمكن القول انه لهده الفترة يعود التنظيم السكني الخاص بالمدينة واحيائها .. [الحومة ].. أي تكونها من مجموعة من الوحدات السكنية .. والوحدة تمثل الحي – او- الحومة .-بما تحمله من ايحاءات بالدفاع والدود على الاهل زالموت من اجلهم .. وتشتمل الحومة [ الحي السكني ] على دروب ومرافق عمومية من من مسجد وفرن ومطحنة وحمام وسقايات عدة ..ويحميها سور داخلي-في الغالب – ينتهي بباب .فوقه غرفة يتعلم فيها الصبيان مبادئ الكتابة والقران نهارا ....كما تأوي حراس الحي [الحومة ]


ليلا.. وفيما بعد يصبح لكل حي ولي خاص بها ..يلتمس من السكان المدد والعون.


وما تزال اغلب احياء المدينة القديمة تحافظ على هده الهندسة والنظام الى اليوم ...




المراجع المعتمدة :


[1]:معجم البلدان الجزء8 ص:7—الاعلام :الجزء1/ص:60-63.


]2[: المعجب في تاريخ المغرب .ص:100. طبعة القاهرة 1949.


[3]: وفيات الاعيان .الجزء7.ص:124. طبعة بيروت .


[4]:انولتان: احمد التوفيق .1850-1912-مشاهمة في دراسة المجتمع المغرب في القرن 19م.الجزء1..ص:74...طبعو 1978.


[5]: الحلل الموشية في الاخبار المراكشية .ص:16. طبعة الدار البيضاء .


[6]: معنى اسم مراكش –ندوة حول مراكش من التاسيس الى اخر العصر الموحدي..نظمتها كلية الاداب بمراكش :14/16 ابريل 1988.


[7]: البيان المغرب ص:19 الجزء 4..طبعة بيروت .1980.


[8]: نفس المصدر : ص:19.


[9]: وفيات الاعيان الجزء7.الصفحة 124.—والانيس المطرب: لابن ابي زرع ص:138.


[10]: البيان المغرب ..ص:124


[11]: الحلل الموشية :ص:97-98.


[12] marrakech des origines a 1912. p..78-79.