الوقاية من الأمراض حياة صحية آمنة

الوقاية من الأمراض.. السبيل إلى حياة صحية آمنة
كثير منا يعيش حياة في معظم الأحيان بعيدة عن الحفاظ على الصحة، وبعض آخر يهتم بالحصول على أفضل العلاج للأمراض باختيار المستشفيات ذات الرعاية المتميزة أو أطباء معينين يلجأ إليهم في حالة المرض، وكما قال أحد الأثرياء «لا أنا لا أخاف من الموت أو المرض المفاجئ الخطير فكلما أصابني عرض مرضي خطير ذهبت إلى أميركا وهناك يعيد أطباؤهم ذوو الأنامل السحرية الحياة إليّ ويبعدون عني الأمراض أياً كانت». في الحقيقة نحن بحاجة إلى الوقاية، فهي خير من العلاج ومرادف كلمة الوقاية «الحماية والرعاية الأولية للصحة»، أي هي الإجراءات التي ينبغي اتباعها لحماية الإنسان من الإصابة بمرض ما أو التنبؤ به والحد من تداعياته. وهي تعني أيضاً النهوض بمستوى صحة الإنسان وحمايته من الإصابة سواء بالأمراض المعدية أو غير المعدية.

ما الفرق بين الوقاية متمثلة في الصحة وجودة الحياة؟
- يوجد فرق كبير بين مفهوم الصحة وجودة حياتنا، فالصحة هي جزء من كل، أي هي أحد العناصر التي تحدد جودة الحياة، فهي أداة وليست غاية. كما أنها مورد من موارد حياتنا اليومية لتحقيق المستوى المقبول من جودة الحياة.
فالصحة ليست مجرد غياب المرض، وإنما كيفية الوقاية منه وهنا تتمثل قدرة البشر على التكيف مع تحديات الحياة ومتغيراتها، بل والسيطرة عليها عن طريق اتباع بعض الأساليب في الحياة الشخصية، بل وفي البيئة من حولهم.
وعلينا ألا نخطئ فهم أسلوب الحياة الصحي على أنه الأسلوب الذي يعتمد على حرمان الإنسان من أشياء عدة، وإنما هو ببساطة شديدة أسلوب يبعدنا عن الأمراض ويجعلنا نحيا حياة سعيدة هانئة راضية أطول فترة ممكنة، وهي محاولة للعيش من دون آلام أو مرض أو معاناة أو غضب لأن العمر الطويل المصحوب بالآلام والمرض لا يجدي نفعاً على الإطلاق.

عناصر الحياة الصحية
يتمثل أسلوب الحياة الصحي في الجوانب الآتية:
- نظام غذائي صحي.
- ممارسة الرياضة.
- الهواء النقي.
- الماء الغير ملوث.
- ضوء الشمس.
- الراحة والاسترخاء.
- عادات نفسية إيجابية مثل: الضحك، الحب وروح التفاؤل.
- البيئة الصحية.
- سلوك الإنسان نفسه.
- دور العوامل الوراثية.
- الامتناع عن التدخين والكحول.
وسوف نستعرض بشيء من التفصيل بعضاً من هذه العناصر على النحو الآتي:
- العامل الوراثي «توارث الجينات»:
عند التقدم في السن يكتشف الفرد آنذاك وراثته العديد من الأمراض، وهو ليس بالشيء الهين أو السهل. ويعتبر العامل الوراثي أحد العوامل المهمة التي تساهم في الوقاية من كثير من الأمراض أو التنبؤ بها حتى يمكن تداركها في مرحلة مبكرة. ومن الأمراض التي يلعب فيها العامل الوراثي دوراً كبيراً: سرطان الثدي، أمراض القلب، مرض السكر، ضغط الدم، بعض الأمراض العقلية، المشكلات المتصلة بالعين مثل المياه الزرقاء، النسيان، إدمان الكحوليات.. وغيرها من الأمراض الأخرى، فإذا كان أحد أفراد عائلتك وخاصة من الدرجة الأولى (الأب، الأم، الأخ، الأخت، الابن) يعاني من أحد هذه الأمراض، فإن احتمال وراثتها قائم، ولكن لا يمكن الجزم بذلك في الوقت نفسه. لأن الكثير من هذه الأمراض مثل مرض السكر والاكتئاب وأمراض القلب هي أمراض تتحكم فيها العوامل الجينية، إضافة إلى عوامل أخرى، ونجد أن العوامل الأخرى - وخصوصاً تلك المتصلة بكثير من الأمراض العقلية - تتمثل في الضغوط التي توجد من حولنا في البيئة، الأنظمة الداعمة، محاولة مسايرة التغيرات. أما تلك المتصلة بالأمراض البدنية فنجدها تتمثل في: نظام التغذية السيئ، التدخين، السمنة، الافتقار إلى ممارسة الرياضة.
وهذه بعض الإحصاءات الخاصة ببعض الأمراض الوراثية:
- سرطان الثدي: نسبة الوراثة لهذا المرض من 5% إلى 10%، ويمكن التنبؤ به لمن لهن أقارب من الدرجة الأولى (الأم، الأخت، الابنة) أصبن بهذا المرض أو أصبن بسرطان الرحم والحوض والقولون. وتفوق نسبة إصابة من لهن أقارب من الدرجة الأولى ومصابين بهذا المرض من 6 إلى 10 مرات عن من ليس لهم تاريخ مرضي في العائلة.
- سرطان البروستاتة: الشيء نفسه بالنسبة لهذا المرض، فمن كان له أخ وأب أصيبا بهذا المرض فتتضاعف هنا فرصة الإصابة به، بل إمكانية تشخيصه في مرحلة مبكرة.
- أمراض القلب: وبالنسبة لأمراض القلب بغض النظر عن النوع سواء فتى أو فتاة أو سيدة أو رجل، فتاريخ العائلة الذي ينطوي على أمراض معينة مثل: أمراض القلب، أو السكر، أو النقرس، أو ضغط دم مرتفع أو نسبة كولسترول عالية. كل هذا يزيد من احتمالية الإصابة بأمراض القلب.
- مرض السكر: وهو أحد الأمراض التي تلعب الوراثة فيه دوراً كبيراً، فإذا كان الأب يعانى من مرض السكر (النوع الأول)، فاحتمال إصابة الابن أو الابنة قائما بنسبة 1 : ,17 وكذلك السيدة الحامل قبل سن 25 واحتمال وراثة طفلها لهذا المرض يمثل نسبة 1 : .25

الماء الأزرق على العين
هذا المرض وراثي أيضاً ويضر برؤية العين، فلابد من الفحص المستمر لاكتشاف المرض في مرحلة مبكرة، وبالتالي يتم حماية العين.
- الاكتئاب: ليست الحالة البدنية للإنسان هي الوحيدة التي تتأثر بالعامل الوراثي وإنما الحالة النفسية والعقلية أيضاً، حيث تلعب الجينات والعامل الوراثي دوراً مهماً بالمثل. فنجد أن مرض الاكتئاب يتوارثه أفراد العائلة الواحدة، حيث يرث الشخص مرض الاكتئاب إذا كان له أقارب من الدرجة الأولى يعانون منه (الأب، الأخت، الأخ، الأب، الابنة) ونسبة توارث هذا المرض تساوي 25%.
وهذه مجرد أمثلة لبعض الأمراض التي يمكن أن يلعب العامل الوراثي دوراً كبيراً فيها، ففرص الوقاية من هذه الأمراض أو اكتشافها في مرحلة مبكرة يزيد من فرص رفع جودة حياة الإنسان في أن يعيش حياة صحية أطول فترة ممكنة، ويأتي من هنا دور طبيب الرعاية الصحية الأولية لإجراء الفحوصات لتقليل فرص الإصابة بهذه الأمراض وكذلك وعي المريض بالتاريخ الوراثي المرضي لأسرته وأقاربه.