[b]حكم طمس الصور في الكتب والمجلات، وما هي الصور التي تمنع دخول الملائكة؟
السؤال :
هل
من الضروري طمس الصور على أغلفة الكتب حتى لا تمنع الملائكة من دخول
البيت؟. وهل الصور في صناديق تدوير القمامة تمنع الملائكة من دخول البيت ،
حتى لو خصصنا مكاناً في المنزل لذلك.
الجواب :
الحمد لله
أولاً :
انتشار
الصور في الكتب والمجلات وأغلفة المعلَّبات وغيرها ، من الأمور التي عمَّ
بها البلاء ، ولا يلزم المسلم تتبعها لطمسها لما في ذلك من المشقة الكبيرة .
قال الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله : " الأشياء
الضرورية التي دخلت على الناس ، وعمَّت بها البلوى ، كالصور التي في
النقود والكبريت ونحوها ، فالذي يظهر لي أن هذا من باب الاضطرار ، وأحوال
الاضطرار وعموم البلوى ، يرجى فيه عفو الله ، ويُسَهَّلُ الأمرُ فيه ".
انتهى من " الأجوبة النافعة عن المسائل الواقعة " ص 83 .
وقال الشيخ ابن عثيمين : " لا يلزم الإنسان أن يطمس كل ما يجد في المجلات والجرائد من أجل المشقة ، والله سبحانه وتعالى يقول : ( وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ) ، والإنسان لم يشترِ هذه المجلات والجرائد من أجل صورها ، بل من أجل ما فيها من الأخبار والعلوم ".
انتهى من "جلسات رمضانية" ص103، وينظر : "الشرح الممتع" (2/92) .
ثانياً :
الصور التي تمنع الملائكة من دخول البيت هي : صور ذوات الأرواح غير الممتهنة .
أمَّا الصور المباحة كصور المناظر الطبيعية وغير ذوات الأرواح ، والصور الممتهنة ، فلا تمنع الملائكة من دخول المكان الموجودة فيه .
ويدل
على أن الصور الممتهنة لا تمنع من دخول الملائكة ما جاء عن أَبي
هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَتَانِي جِبْرِيلُ ،
فَقَالَ : إِنِّي كُنْتُ أَتَيْتُكَ الْبَارِحَةَ فَلَمْ يَمْنَعْنِي أَنْ
أَكُونَ دَخَلْتُ عَلَيْكَ الْبَيْتَ الَّذِي كُنْتَ فِيهِ إِلَّا أَنَّهُ
كَانَ فِي بَابِ الْبَيْتِ تِمْثَالُ الرِّجَالِ ، وَكَانَ فِي الْبَيْتِ
قِرَامُ سِتْرٍ فِيهِ تَمَاثِيلُ ، وَكَانَ فِي الْبَيْتِ كَلْبٌ .
فَمُرْ
بِرَأْسِ التِّمْثَالِ الَّذِي بِالْبَابِ فَلْيُقْطَعْ فَلْيُصَيَّرْ
كَهَيْئَةِ الشَّجَرَةِ ، وَمُرْ بِالسِّتْرِ فَلْيُقْطَعْ وَيُجْعَلْ
مِنْهُ وِسَادَتَيْنِ مُنْتَبَذَتَيْنِ يُوطَآَنِ ، وَمُرْ بِالْكَلْبِ
فَيُخْرَجْ .
فَفَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
رواه الترمذي (2806) وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (256) .
قال الحافظ ابن حجر : " وَفِي
هَذَا الْحَدِيث تَرْجِيح قَوْل مَنْ ذَهَبَ إِلَى أَنَّ الصُّورَة
الَّتِي تَمْتَنِع الْمَلَائِكَة مِنْ دُخُول الْمَكَان الَّتِي تَكُون
فِيهِ بَاقِيَة عَلَى هَيْئَتهَا ، مُرْتَفِعَة غَيْر مُمْتَهَنَة ,
فَأَمَّا لَوْ كَانَتْ مُمْتَهَنَة ، أَوْ غَيْر مُمْتَهَنَة لَكِنَّهَا
غُيِّرَتْ مِنْ هَيْئَتهَا ؛ إِمَّا بِقَطْعِهَا مِنْ نِصْفهَا أَوْ
بِقَطْعِ رَأْسهَا فَلَا اِمْتِنَاع ".
انتهى من " فتح الباري " (10/392) .
وقال الخطابي : " وَإِنَّمَا
لَا تَدْخُلُ الْمَلَائِكَةُ بَيْتًا فِيهِ كَلْبٌ أَوْ صُورَةٌ مِمَّا
يَحْرُمُ اِقْتِنَاؤُهُ مِنْ الْكِلَابِ وَالصُّوَرِ , فَأَمَّا مَا لَيْسَ
بِحَرَامٍ مِنْ كَلْبِ الصَّيْدِ وَالزَّرْعِ وَالْمَاشِيَةِ ،
وَالصُّورَةِ الَّتِي تُمْتَهَنُ فِي الْبِسَاطِ وَالْوِسَادَةِ
وَغَيْرِهِمَا ، فَلَا يَمْتَنِعُ دُخُولُ الْمَلَائِكَةِ بِسَبَبِهِ ".
نقله عنه في " تحفة الأحوذي " (8 / 72) .
وقال الشيخ ابن عثيمين : " الصورة
إذا كانت ممتهنة في فراش أو وسادة ، فأكثر العلماء على أنها جائزة ، وعلى
هذا فلا تمتنع الملائكة من دخول المكان ؛ لأنه لو امتنعت لكان ذلك ممنوعاً
". انتهى " لقاء الباب المفتوح" (85 /6)
وروى
الإمام أحمد (6290) عن لَيْث قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى سَالِمِ بْنِ عَبْدِ
اللَّهِ وَهُوَ مُتَّكِئٌ عَلَى وِسَادَةٍ فِيهَا تَمَاثِيلُ طَيْرٍ
وَوَحْشٍ .
فَقُلْتُ: أَلَيْسَ يُكْرَهُ هَذَا .
قَالَ: لَا ، إِنَّمَا يُكْرَهُ مَا نُصِبَ نَصْبًا .
وسئل الشيخ ابن باز عن حكم التصاوير في البطانيات ، وعلب الحليب ، وغيرها من الأغراض اللازمة للبيت.
فأجاب :
" هذه
يعفى عنها لأنها ممتهنة ، فالفراش ممتهن ، والوسادة ممتهنة ، وعلب الصلصة
تلقى في القمامة ، فلا يضر ما فيها من الصور إن شاء الله ; لأنها كلها
ممتهنة ".
انتهى " فتاوى نور على الدرب " (1 / 310) .
والصور الموجودة في صناديق تدوير القمامة تعد ممتهنة، ولا تمنع الملائكة من دخول البيت.
والله أعلم .
منقول[/b]