منتدى الأسرة العربية لصيد الفوائد
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى الأسرة العربية لصيد الفوائد

منتدى الأسرة العربية لصيد الفوائد نساعدك في الرجوع لطريق المستقيم بعون لله
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول
دليل مواقع

 

 كيف رأيت المنايا خبط عشواء يا زهير ..!؟

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Admin
الإدارة العليا
الإدارة العليا
Admin


الدولة : المغرب
المزاج : كيف رأيت المنايا خبط عشواء يا زهير ..!؟ 0512_md_13389403801
عدد المساهمات عدد المساهمات : 2924
نقاط التميز نقاط التميز : 12030
السٌّمعَة السٌّمعَة : 665
تاريخ التسجيل تاريخ التسجيل : 12/06/2012
العمر العمر : 28
ذكر

كيف رأيت المنايا خبط عشواء يا زهير ..!؟ Empty
مُساهمةموضوع: كيف رأيت المنايا خبط عشواء يا زهير ..!؟   كيف رأيت المنايا خبط عشواء يا زهير ..!؟ I_icon_minitimeالخميس أغسطس 16, 2012 6:40 pm

كيف رأيت المنايا خبط عشواء يا زهير ..!؟



" رايت المنايا خبط عشواء من تصب تـمته و من تخـطئ .. يعـمر فيهرم ِ
سئمت تكاليف الحياة و من يعـش ثمـــانين حـولاً – لا ابا لك – يسأم ِ "

واضع القصيدة التي اقتبست منها هذين البيتين هو زهير بن أبي سـُـلمى ، الشاعر العربي المعروف ، شاعر المعلقة ، عاش من زمن بعيد في الجزيرة العربية ، و جميعنا يعرف كيف امتاز شعره بالفصاحة و الجمال و الإبداع ، كما أنه كان من مؤلفي ما يسمى بالحوليات في الشعر العربي ، حيث كان يمضي حوالي السنة الكاملة و هو يؤلف و يشذب و يهذب قصيدته ، و يضيف و يلغي ، و لا يعرضها إلا بعد أن ينتهي منها تماماً .. فتكون بذلك سيدة القصائد و بدعتها .
زهير ، و ربما دون أن يقصد ، أورثنا ، إضافة إلى أدبه و فنه و شعره و حكمه ، أورثنا ما يمكن تسميته بتقرير حول الوفيات و معدلات الأعمار في عصره في المنطقة العربية – الجزيرة العربية نموذجاً ! و ضم في هذا التقرير خلاصة تجربة حياة أدبية عريقة ، و فوائد و عبر جمة ، و ملاحظات طبية أيضاً .
زهير ، مع الاحتفاظ بالألقاب ، يرى أن المنايا ، أي الموت ، ما هي إلا حادثة عشوائية صرفة ، و أن الموت لا يحدث إلا لأنه سيحدث ، فمن أصابه أخذه ، على الرغم من أنه يأخذ كثيراً من الذين لا يريدونه أن يأخذهم ، و يترك كثيراً من الذين يريدون أن يأخذهم ، كما هو الحال مع شاعرنا زهير ، و هو الذي عاش ثمانين سنة ، متجاوزاً بذلك معدل الأعمار في جزيرة العرب بتسعة سنوات حتى وقت تأليفه القصيدة و نشرها .
و زهير يرى أنها لحياة طويلة ، على الرغم من أنه ربما يكون قد نال فرصة ليقوم بجل ما أراد أن يقوم به ، و على الرغم من أنها كانت ثمانية عقود حافلة و ليست عادية ، فكيف أصابه السأم ..؟ و هو الشاعر الأديب الجليل ، و الذي قدم العديد من الخدمات لأناسه و مجتمعه و قبيلته ، بل و للقبيلة التي حل فيها ضيفاً مدة طويلة من الزمن ، و هي ليست كثمانين سنة يعيشها فرد خامل يصبح فيها عبئاً على الحياة و عالة على الناس .
زهير يقول إن المنايا خبط عشواء .. و ربما كان هذا من وجهة نظره ، أو كان ذلك صحيحاً على عهده ، لكنني أدعو من يتمثل هذه الفكرة إلى النظر قليلاً في معدلات الوفيات في أيامنا هذه ، لنرى هل هي خبط عشواء حقاً ، أم أنها تتبع نموذجاً منحرفاً خاصاً ، بل و ربما كانت تتبع قانوناً وضعه بعض المخربين !
لنبدأ أولاً بمعدلات الوفيات بين الأطفال بأعمار أقل من خمسة سنوات ، و التي تشير فيما تشير إليه إلى المستوى الصحي و التقني و مدى الرقي و التطور و التقدم في أي مجتمع من المجتمعات ، حيث إن الأطفال هم الفئة الأكثر تضرراً و الأسرع تأثراً و الأولى رعاية في الوقت نفسه من بين كافة الفئات في المجتمع ، و سنجد حسب إحصائيات اليونيسيف لعام 2003 أن الدولة الأكثر ارتفاعاً في معدلات وفيات الأطفال تحت عمر الخمسة سنوات لهذا العام هي سيراليون ، ساحل العاج سابقاً ، و ذلك بمعدل 316 حالة وفاة لكل 1000 ولادة حية ، و إن طريقة التعبير عن معدل الوفيات هذه هي الطريقة التي يتخذها أخصائيو الصحة العامة و طب المجتمع من أجل عقد المقارنات و القياسات المختلفة ، حيث ينسب عدد الوفيات المقدر إلى كل 1000 ولادة وليد حي تحصل خلال السنة التي يتم فيها التقدير .
بعد سيراليون كانت النيجر بمعدل 265 حالة وفاة لكل 1000 ولادة حية ، فأنغولا 260/1000 ولادة حية ، فأفغانستان 257/1000 ولادة حية ، فليبيريا 235/1000 ولادة حية ، فدولة مالي 231/1000 ولادة حية ، فالصومال 225/1000 ولادة حية ، و من ثم غينيا بيساو 211/1000 ولادة حية ، فجمهورية الكونغو الديمقراطية 205/1000 ولادة حية ، و من ثم زامبيا 202 /1000 ولادة حية ، و تشاد 200/1000 ولادة حية ، و بوركينا فاسو و موزمبيق 197/1000 ولادة حية ، بورندي 190/1000 ولادة حية ، و من ثم في المرتبة الخامسة عشرة كل من موريتانيا و نيجيريا و راوندا بمعدل 183/1000 ولادة حية .
و قد تعمدت ، عزيز القارئ ، ألا أضع هذه الأرقام في جدول ، حتى لا تسول لك نفسك أن تمر عليها مرور الكرام ! و حتى تدرسها و تقرأها أجمعها ! فاعذرني على ديكتاتوريتي هذه ، و امض معي متكرماً فيما أطلب إليك أن تفعل ، و تابع ..
و ربما أكون قد أطلت قليلاً في سرد هذه الأرقام .. و هي في الواقع ليست إلا غيض من فيض في هذا التقرير الذي نشر و سلسل دول العالم أجمع بحسب مقياس معدل وفيات الأطفال في الأعمار المختلفة ، و أردت من هذا العرض إثارة ثقافة القارئ العزيز ، و الذي لا شك لاحظ بأن جميع هذه الدول ، باستثناء أفغانستان ، هي دول إفريقية !
ليس ذلك فحسب ، بل إنه ، و باستثناء الدول الإفريقية العربية (دون الصومال و موريتانيا) ، لم تكن هناك أية دولة إفريقية بعد الترتيب 69 (ناميبيا) في هذا الجدول ! علماً أن العديد من الدول يمكن أن تشترك في المرتبة نفسها ، و باعتبار أن التصنيف يعطي الرقم الأقل للدولة صاحبة المعدل الأكبر للوفيات ، و الرقم الأكبر للدولة صاحبة المعدل الأقل ... و هكذا ، ففي التدريج الذي تكون سيراليون في مقدمته (1) و السويد في ذيله (193) ، نجد أن أكثر من 85% من قارة أفريقيا قد نال مراتبه حتى الترتيب 69 !
ترى ، هل يمكن اعتبار هذا من باب المصادفة ؟ و هل يمكن أن ننشغل في دراسة سبل الوقاية من الإيدز و تحسين التغذية و إيقاف الحروب في القارة الإفريقية و فقط ؟
لست الآن في معرض الحديث عن المسببات و الآليات في حدوث هذه الوفيات ، و ربما أتحدث عنها في مقال قادم ، و لكنني الآن في معرض الحديث عن التوزع و الانتشار ، و الذي ، إذا اعتبرنا الأطفال عينة قابلة للتعميم ، نرى معه أن أفريقيا تموت أكثر من غيرها ، و أن المنايا خبط " أفريقيا" و ليست خبط عشواء ، كما كان الحال في أيام زهير !
و إذا اتخذنا معدل الأعمار المتوقع عند الولادة لجميع الأفراد مقياساً لدرجة الموت (أو الحياة إن شئت ..!) نجد أن معدل الأعمار في جميع أنحاء العالم كان إجمالاً 64 سنة و ذلك حسب اليونيسيف أيضاً في تقريرها الخاص الذي نشرته في العام 2003 ، شاملاً في ذلك جميع دول العالم من سيراليون و حتى السويد ! و لكن و بقليل من التفصيل نجد أن معدل الأعمار هذا بلغ 57 عاماً في غانا ، 54 في السنغال ، 53 في كل من الغابون و ليبيريا و مدغشقر ، 52 في كل من موريتانيا و مالي و إريثريا ، 51 في الكونغو و تنزانيا و غينيا ، 50 في جنوب إفريقيا و الكاميرون ، 49 في تيمور الشرقية ، 48 في الصومال ، 47 في بوركينا فاسو و غامبيا ، 46 في تشاد و النيجر ، 45 في أنغولا و ناميبيا و غينيا بيساو و أوغندا ، 44 في إفريقيا الوسطى و إثيوبيا ، 43 عاماً في زيمبابوي و هاييتي و أفغانستان ، 42 في جيبوتي و زامبيا ، 41 في بورندي ، 40 في سيراليون و مالاوي و راوندا ، ... إلخ ، و أخيراً ... 39 عاماً فقط في بوتسوانا !
لاحظ ، أخي القارئ ، أن الدولة المعمرة في إفريقيا ، باستثناء الشمال الإفريقي العربي ، تقل فيها معدلات الأعمار عن المتوسط العالمي بسبعة سنوات أي بحوالي 12% من معدل الأعمار المتوقع .
و لا أخفي عليكم ، فقد اكتفيت أثناء دراستي للجدول الخاص بمعدلات الأعمار في مختلف مناطق العالم بالنظر في خانة العمر ، و إذا وجدتها 45 أو أقل تأكدت من أنها دولة إفريقية ! ويكأن الموت لم يعد يمهل الناس حتى ثمانين حولاً ! بل إنه يحصدهم في أعمار بمعدل بلغ حوالي نصف هذا الرقم في معظم المناطق الإفريقية ، و أظن أنك معي عزيز القارئ إذا اعتقدت بأنه ليس من قبيل المصادفة أن يكون المعدل الأقل للأعمار في العالم ، و الذي بلغ 39 سنة ، أي قبل أن يبلغ المرء أشده ، كان من نصيب دولة إفريقية ألا و هي بوتسوانا .
إفريقيا إذاً هي القارة المسلمة ، و هي القارة السوداء ، كما تسمى في المحفل العالمي ، أما ما لا يذكره العالم علناً أن إفريقيا هي قارة الأزاهير و العطور و الألماس و الذهب و المعادن الثقيلة و قارة النفط في الفترة القادمة و قارة اليورانيوم و البلوتونيوم و قارة اليد العاملة و قارة السيليكون أيضاً .. ربما لذلك أريد لها أن تكون قارة الموت ! حتى تظل مكاناً دون سكان .
هذا من ناحية ، من ناحية أخرى نجد أن الدولة التي احتلت المرتبة الأولى من حيث انخفاض معدلات الوفيات بين الأطفال بأعمار أقل من 5 سنوات و بالتالي انخفاض احتمال الموت لدى هؤلاء الأطفال هي السويد ، و ذلك بمعدل وفيات بلغ 3 حالات وفاة فقط / 1000 ولادة حية !! تلاها في ذلك كل من أيسلاندا و النرويج و سنغافورة و الدنمارك بمعدل 4 وفيات / 1000 ولادة حية ، و في المرتبة الثالثة كل من النمسا و فنلندا و ألمانيا و اليابان و لوكسمبورغ و مالطا و موناكو و سلوفينيا و اليونان ، بل و كوريا الجنوبية و ذلك بمعدل 5 حالات / 1000 ولادة حية ، ثم سويسرا و أسبانيا و البرتغال و أستراليا و نيوزيلندا و إيطاليا و قبرص ، ثم بريطانا و كندا خامساً ، و سادساً الولايات المتحدة الأمريكية و ماليزيا و كورتيكا ، و في المرتبة السابعة كل من الإمارات العربية المتحدة و سلوفاكيا و هنغاريا !!
و بالنسبة لمعدلات الأعمار نسردها أيضاً و نلاحظ أن معدل الأعمار بلغ في السويد 81 عاماً ، و كذلك في اليابان و هو المعدل الأعلى على مستوى العالم ، و كان معدل الأعمار 78-79 عاماً في كل من أستراليا و النمسا و بلجيكا و فرنسا و فنلندا و ألمانيا و آيسلاندة و كندا ، و 75-77 في العديد من الدول منها الإمارات العربية و تشيلي و البوروغواي و غيرها .
و هنا نجد أن معدل الأعمار وصل في الدولة المعمرة و هي السويد لرقم أكبر من المعدل العام لسكان العالم بحوالي 27 % ! .
و أنا معك عزيز القارئ إذ لم تستغرب أو تندهش من هذه النتيجة ، و كأننا توقعناها بمجرد ما استعرضنا الدول الأكثر خطراً على حياة الأطفال و الأقل أعماراً في قسم سابق من هذا المقال ، و كأننا هنا ننظر إلى الصورة السلبية (النيغاتيف) من مجموعة الدول سالفة الذكر الإفريقية ، و تماماً كما تزاحمت الدول الإفريقية على تلك المنازل ، تزاحمت هذه الدول على هذه المراتب !
و كما أن الموت مركز في إفريقيا ، فالحياة في هذه الدول مركزة أيضاً ، إنما ضمن 3 أقطاب أساسية هي أوروبا و اليابان و القارة الأمريكية ، و هي أقطاب العالم الجديد ، و هي ما يسمى بدول الشمال في منظمة التجارة العالمية ، و هي أيضاً دول المركز ، أو دول المحور ، و هي الدول الأكثر تقدماً و تطوراً من كافة النواحي الاقتصادية و السياسية و العلمية و الثقافية و الفنية و الغذائية و العسكرية ... تماماً على النقيض من الدول الإفريقية السالفة الذكر ، و كأن هاتين المجموعتين المتناقضتين هما من كوكبين مختلفين ! و ليستا فقط في قطبين متقابلين .
لعل وجود إفريقيا و ما فيها هو الذي أدى إلى نشوء تلك الأقطاب الثلاثة و ما فيها ! أو على العكس ، لعل الدول الأقطاب لم تتمكن من الوصول إلى ما وصلت إليه إلا بعد أن تطفلت على موارد قارة ضخمة هائلة المقدرات و الإمكانات و الثروات ، و في نفس الوقت لا يمكن أن ينشغل العالم بها و بكوارثها و حروبها و مشاكلها و أمراضها و جهلها و فقرها !
إن بعض الهيئات العلمية و المؤسسات البحثية و الشركات تقوم بالعديد من أبحاثها و تجاربها في قارة أفريقيا ، و لا سيما فيما يخص بتطوير الأسلحة الجرثومية و الفيروسية و الكيميائية ، فإذا طرأ خلل ما ، أو مشكلة أدت إلى تفشي مرض مميت أو إلى خروج الأمور عن السيطرة .. فليحدث ذلك في إفريقيا ! فهي القارة التي لن يضيرها سلخها بعد ذبحها !
أنا لست ضد أي طفل من أطفال العالم ! إذ إن الأطفال هم من الكائنات اللطيفة و البريئة و البسيطة و التي لا تزال في غالبية الأحيان على الفطرة التي فطرها الله عليها ، تحب الخير لها و للآخرين ، و تكره الشر لها و للآخرين ، و تبادل الإساءة بالحسنة ، و الكره بالمحبة ، و تخلص لذويها ، و تطيع أهلها . و لست أحسد أطفال السويد على معدلات الأعمار المرتفعة لديهم أو على انخفاض معدلات وفيات الأطفال ، و هي بالفعل منخفضة ، فكيف يمكن أنه خلال عام كامل لا يموت إلا ثلاثة أطفال في الوقت الذي ينجب فيه 1000 طفل ! و لكن أعود فأقول إنني لا أحسد أحداً ، و جل ما أفعل أنني أدعو نفسي و أدعو الأخ القارئ إلى التفكر في هذه الأرقام ، و فيما تقوله و فيما ما لا تقوله أيضاً ! ليكون التفكر سبباً للتوجه و العمل و الاستفادة و الوصول إلى ما وصل إليه من كان في الماضي يتبعنا لاهثاً لكي يصل إلى ما كنا فيه ! .
لكنني أندهش كيف تتفاوت نسب الوفيات بين دول العالم و بهذا البون الشاسع ، حيث يموت أطفال سيراليون أكثر من نظرائهم السويديين بحوالي مائة و خمسة أضعاف ! بمعنى أنه إذا رزقت بطفل في سيراليون فهذا يعني أن طفلك هذا معرض للوفاة أكثر من الطفل في السويد بأكثر من مائة مرة !
ليس هذا فقط ، بل إن هذا التباين يشاهد أيضاً بين سكان نفس المنطقة ، فعلى سبيل المثال ، أجريت إحصائية على معدلات الوفيات بين الأطفال بأعمار أقل من خمسة سنوات فيما يسمى بإسرائيل ، و أنا في الحقيقة مندهش كيف أنه يمكن القيام بمثل هذه الإحصائية ، ذلك أن الإحصائية تتطلب أصلاً كياناً و مجتمعاً متأصلاً و أصيلاً ، ارتبط بالأرض و التاريخ و تآثر فيهما و تأثر و أثر ، و تعلق بالسماء و النجوم في الدولة التي يقطن فيها ، لا فرداً محتلاً ترفضه الأرض و تغضب عليه السماء و تمقته الأشجار و الأحجار .. !
الخلاصة ، أنه بموجب هذه الإحصائية فقد تبين أن معدل وفيات الأطفال بأعمار أقل من 5 سنوات فيما يسمى بإسرائيل كان 6/1000 ولادة حية فقط ! و احتلت هذه النسبة بهذا الرقم مكاناً في المرتبة الرابعة على مستوى العالم من حيث انخفاض معدلات الوفيات بين الأطفال ، في حين تبلغ معدلات الوفيات بين الأطفال في فلسطين ، و هم الأطفال الذين يأس منهم الموت ، و جادت بهم الحياة ، و أنيطت بهم مهمة المرابطة ، و التضحية بهذه الحياة الغالية جداً في سبيل الله و الوطن ، بلغت معدلات الوفيات بينهم 24 حالة وفاة / 1000 ولادة حية .
علق أحد المسؤولين في وزارة الصحة الإسرائيلية على هذه النسبة بأنها لا تزال منخفضة ! و ربما ، بالنسبة لما يكابده هؤلاء الأطفال و بالنسبة لخطط القتل و التدمير و التهجير التي تمارس في حق أبسط حق يمكن أن يطلبه إنسان ألا و هو حق الحياة ، ربما كانت فعلاً منخفضة ، و قياساً ببعض الدول الإفريقية التي تبلغ فيها هذه المعدلات 316 / 1000 ولادة حية ، و لتكن منخفضة ..! كيداً في الغاصبين القاتلين ، و إرغاماً لهم ، و قد باتوا يعلمون الآن أنهم مهما يقتلون .. فهناك المزيد الذي ينتظر أن يضحي بنفسه ليقتل في سبيل الله ، و هذا ما يقض مضجعهم ، ذلك أن نسبة الولادات و الخصوبة في أصلاب الفلسطينيين نسبة مرتفعة و كبيرة ، كما أن العبرة في هذه الحالة هي في النوع و ليس في العدد ، و ربما شاء الله تعالى أن يكون في فلسطين أطفال يطلبون الموت فتوهب لهم الحياة ، أطفال يقهرون الموت ، و يضحون بهذه الروح الغضة الخضراء ، فيكونون مثالاً يحتذى لغيرهم ، و درساً و عبرة لمن لا يعتبر من المحتل الذي مهما انخفض معدل الوفيات لدى كيانه ، فهو ميت لا محالة ! و على أيدي رجال الموت القادمين ، و هو الذي يحرص على الحياة و يود لو أنه يعمر ألف سنة ، ليس كمثل الطفل الفلسطيني الذي يود لو يقتل في سبيل ربه ألف مرة ! إن كل من يموت من الإسرائيليين لا يساوي و لا حتى حذاء طفل فلسطيني واحد ، لكن أي جرح يصاب به هذا الإسرائيلي أبلغ أثراً و أخطر من قتل كل الفلسطينيين .. و ذلك لحبه لحياته و تعلقه بها !
ماذا عن العراق .. ؟ الذي لا تخفى حاله عن أحد .. و الذي بعد أن عانى كثيراً من الحصار .. أتبع بحرب ضروس لا هوادة فيها ، و ها أنذا أورد ما اقتبسته من تقرير وزارة الصحة العراقية و الذي أدت دراسات و أبحاث منظمة اليونيسيف الخاصة في هذا الصدد إلى النتيجة نفسها ، فقد أشارت الإحصائيات الرسمية لوزارة الصحة العراقية الصادرة في كانون الثاني من العام 2002 إلى الوفيات خلال فترة الحصار , و أفادت أن معدل وفيات الأطفال الرضع لعام 1999 بلغ 107 حالة وفاة /1000 ولادة حية , وبلغ معدل وفيات الأطفال دون سن الخامسة 130 حالة وفاة /1000 ولادة حية , في حين كان معدل وفيات الأمهات في سن الحمل 294 لكل مائة ألف ولادة . كما أوضحت الإحصائيات أن معظم هذه الوفيات كانت بسبب التلوث المائي الناتج عن عدم حصول 86% من العراقيين على الماء الصالح للشرب , بسبب تضرر وحدات التصفية , وعدم إمكانية إصلاحها واستيراد قطع غيار جديدة لها لظروف الحصار الذي كان مفروضاً عليها قبل الحرب . و قد سجلت وزارة الصحة مليون و650 ألف حالة وفاة خلال أعوام الحصار حتى وقت صدور التقرير . وأكد التقرير أن إشعاعات اليورانيوم المنضب كانت أشد وطأة على الصحة والبيئة في العراق من الحصار , إذ تسببت في حالات تشوه خلقية كثيرة , فضلاً عن ظهور حالات سرطانية لم تكن موجودة في العراق سابقاً ، مضيفاً أن عددا من الأمراض الإنتانية , التي أعلن العراق عن خلوه منها قبل التسعينيات , عادت لتسجل حالات إصابة فيها في مناطق متعددة من العراق . كما إن عدم توفر المعدات اللازمة لتشخيص الأمراض الانتقالية المعدية , مثل مرض نقص المناعة المكتسبة (الإيدز) والسحايا والفيروسات المسببة لالتهابات الجهاز التنفسي الحاد لدى الأطفال , إضافة إلى أدوات ومواد تشخيصية بكتربولوجية أخرى بسبب ظروف الحصار يقلل من كفاءة التشخيص و دقته و يؤخر في كشف الأمراض في مثل تلك الظروف مما يسيء إلى الصحة العامة في تلك المنطقة المنكوبة .
و نرى هنا من جديد أن المنايا خبط المظلومين في العالم من الاحتلال و الظلم و العدوان و القهر ، و ليست خبط عشواء .
ليس هذا فقط ، بل إن معدلات الوفيات تختلف في سكان نفس المدينة أو الدولة حتى و لو لم تكن تعاني من الاحتلال ، و أكبر مثال على ذلك الولايات المتحدة الأمريكية ، إذ نجد فيها أن معدلات الوفيات بين الأطفال السود تبلغ حوالي 3 أضعاف ما هي عليه عند الأطفال البيض ! و إذا ما سألت أحداً عن ذلك تراه بكل سطحية يخبرك أن سبب ذلك هو الفقر ! و لماذا يكون هذا التنباين في مكان يفترض أنه يعلن أن الجميع فيه سواء ؟ فلماذا يكون البعض فقيراً لدرجة الموت بينما يكون الآخر الأكثر غنىً حياً يرزق يتمتع الصحة و الدعة ؟!! ترى ، هل تميز الحياة ، أو الطبيعة ، بين غني و فقير ؟ بمعنى آخر .. هل نجد أن المنايا خبط "الفقراء" في هذا الزمن ، و ليست خبط عشواء ؟؟
كمثال آخر على تأثير السياسة في معدلات الوفيات ، نذكر أن معدل الوفيات في كوريا الجنوبية ، حليفة الولايات المتحدة الأمريكية ، بين الأطفال بأعمار أقل من 5 سنوات كانت 5 /1000 ولادة حية ، بينما بلغت في جارتها الشمالية التي يبدو و كأنها تستعدي بمواقفها الولايات المتحدة الأمريكية رقماً مختلفاً و هو 55 حالة وفاة / 1000 ولادة حية ، أي أكثر من جارتها بأحد عشر ضعفاً ، الأمر الذي جعل بين البلدين فرقاً في المرتبة بلغ 175 درجة ! (الشمالية 178 ، و الجنوبية 73) !
نعم ، الأعمار بيد الله ، جميعنا مؤمن بهذا ، كما أن كل أمر بيد الله سبحانه و تعالى ، لكن الله عز و جل يدعونا للتفكر في أسباب الموت و الحياة ، و يدعونا أن تكون حياتنا حياة نبيلة و شريفة ، و موتنا في سبيله موتاً شريفاً و كريماً و نبيلاً ، كما يدعونا ألا نجعل مرضاً بسيطاً مثل الإسهال أو التهاب الأذن الوسطى سبباً في موت أكثر من 22% من الأطفال في مجتمع ما كالهند ، بحيث يأتي في مقدمة مسببات الموت التي هي في نفس الوقت القابلة للوقاية و المعالجة !
نحن مسؤولون عن حياتنا هذه ، و عن موتنا أيضاً ، و لا يظن أحد أن العمر ليس غالياً أو أن الحياة رخيصة بحد ذاتها ، بل على العكس .. إنها غالية ، و عزيزة على القلب ، و على هذا جبل الإنسان ، لكنها ترخص و تهون في سبيل ما هو أغلى منها ، و إن أعظم خطيئة يمكن أن يرتكبها بشر بحق بشر .. هي القتل ، فالحياة نعمة لا بد من صيانتها و المحافظة عليها ، و ألا تبذل إلا في سبيل خالقها و مالكها .
أما الحياة في معظم إفريقيا فهي نقمة ، و الموت هناك انتحار ، أو هو جريمة قتل جماعية ينفذها الكبراء و السادة في هذا العالم اللامتوازن ، جريمة اعتقد منفذوها أنه لا يمكن إلا لنوع بشري واحد أن يعيش ، و هو النوع الذي يستحق فعلاً هذه الحياة ، و أن البقاء على هذه الأرض إنما يكون للأقوى ! في منطق مستهجن غريب .. و لا نملك أن نقول إنه منطق حيواني .. بل على العكس .. يوجد لدى الحيوانات و النباتات أسلوب راق جداً للحياة ، نتمنى لو يتبعه الكثير من البشر ، ففي مملكة النباتات و الحيوانات يضحي من لا فرصة له في البقاء بحياته من أجل من له الفرصة في البقاء ! و ذلك حتى يحفظ النوع و تستمر الحياة ! و ليس كما يحلو للكثير من العلماء التهيؤ بأن الكائن الأفضل و الأقوى هو الذي يستمر ! إنه نوع من الاستشهاد و البذل و التضحية في هذه العوالم ، حيث يضم الفرد فيها حياته لحياة المجموعة فيعيش طالما بقي أي فرد منها حياً ، و لا يحدد عمره بعمر روحه و جسمه ، إنه التوازن الذي أبدعه الخالق جل و علا ، و الذي إن تدخل فيه الإنسان ، و لو بقصد الإصلاح ، عبث فيه و دمره !
هناك بعض الأقوام اليوم ينافسون أقواماً غيرهم على الحياة فوق هذه الأرض ، و يحاولون أن يطبقوا قانون أرخميدس الذي توصل فيه إلى أنه لا يمكن لأي جسمين أن يشغلا الحيز نفسه في الفراغ ، يحاولون أن يطبقوه على الحياة ، حيث إن تعداد سكان الأرض في ازدياد ، و لا بد من الاقتصاد في الأفراد ، و هنا ، لا يستحق الحياة إلا من يقتل الآخر و يبيده بأي شكل من أشكال الإبادة ، و لك أن تختار الوسيلة الأكثر ملاءمة لإبادة هذا الآخر من بين الحروب و الضربات العسكرية ، أو محاربة الإرهاب ، أو التدمير الاقتصادي ، أو التدمير البيئي ، أو السيطرة و الاستعمار المباشر ، أو الاستعمار السياسي و غيرها .
و نتيجة لهذا القانون .. لم تعد المنايا خبط عشواء ، و لم يعد الموت نتيجة لتدهور الحالة الصحية أو لتقدم الإنسان في العمر فحسب .. بل إنه بات وسيلة لتنفيذ مآرب أخرى ! و صار يتدخل فيه كل من الجغرافيا ، و السياسة و الحروب ، و الاقتصاد ، و اللون ، و الجنس !! أما الحالة الصحية .. فنادراً ما تتدخل في التسبب بالموت ، اللهم إلا في مجتمعات و شعوب دول الشمال القاطنين في كواكبهم العالية ، و الذين ينشر لديهم في وسائل الإعلام عن حالة لطفلة مهاجرة إليهم من دولة مجاورة مصابة بنوع غريب من الأمراض .. ألا و هو "الإسكاريس" !! و الذي هو مرض شائع و منتشر جداً بين الأطفال في مجتمعات و شعوب دول الجنوب .
إن الموت هو المحصلة النهائية التي نصادفها في آخر الطريق ، نتيجة لسوء العديد من العوامل و الظروف ، إن الموت هو الوجه الآخر للحياة ، و هو في نفس الوقت التعبير الناجم عن انعدام ظروف الحياة ، أو تلاشيها ، من مطعم و مشرب و صحة و علاج و وقاية و تعليم .. إن الموت هو شكل من أشكال غضب الحياة على عدم تقديرها و احترامها ، و لو كان الموت في سبيل هدف غال أو في دفاع عن وطن أو شرف أو عرض أو حق .. لكان الموت أغلى من أغلى حياة ، و لكن الموت هنا تحصيل حاصل ، إنه إما سبب لغاية يبررها آخرون أو نتيجة للا مبالاتنا بذاتنا ، إنه يحدث ، دون أن يخطط له في عملية استشهادية أو في دفاع عن الحقوق و المقدسات أو في سبيل الواجب و الوطن ، إنه يحدث لأنه ليس هناك حياة ..!
إن المتأمل في الأرقام التي أوردتها ، و الجداول المنشورة في مطبوعات اليونيسيف ، و فيما يحصل الآن في العالم يجد أنه ثمة خطة تحاك لتصفية الشعوب و السكان في الدول التي تحتل الترتيب الأدنى في جداول اليونيسيف .. فمن إفريقيا المبادة عمداً ، و الموؤودة ظلماً ، إلى أفغانستان التي هي الدولة القريبة من إفريقيا من حيث الأوضاع و المعدلات ، و بعد إفريقيا و أفغانستان يأتي في الترتيب العراق و هو بالفعل الدولة الثانية الخارج إفريقية بعد أفغانستان في ترتيب اليونيسيف ... و لا أحد يدري ماذا و من بعد ..! و ربما كان أحد يدري .. لا أدري ..! لكن من الواضح أن هناك استهداف للدول و الشعوب الأضعف فالأضعف ، و الأفقر فالأفقر .
المهم أن المنايا ، يا زهير ، يرحمك الله ، ليست على أيامنا هذه خبط عشواء ، إنها خبط الضعفاء ، خبط الفقراء ، خبط المصابين بسوء التغذية و الإسهالات ، خبط الدول النامية و دول العالم الثالث ، خبط المظلومين ، خبط النفط ، خبط المحتلة أراضيهم و المغتصبة حقوقوهم ، خبط السود ، و غيرهم ...
و لنحن أولى بأن نسأم من تكاليف الحياة الباهظة ، و التي لا يستطيع إلا القليل الذي يستحقها .. أن يفي بها .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://jana.canadaboard.net
 
كيف رأيت المنايا خبط عشواء يا زهير ..!؟
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى الأسرة العربية لصيد الفوائد :: مجلة المنتدى :: تدوينات و مقالات-
انتقل الى:  
مواقع صديقة
الأسرة الشامل | صور و خلفيات – قنوات فضائية