منتدى الأسرة العربية لصيد الفوائد
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى الأسرة العربية لصيد الفوائد

منتدى الأسرة العربية لصيد الفوائد نساعدك في الرجوع لطريق المستقيم بعون لله
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول
دليل مواقع

 

 صناعة الحياة … بين الأصالة والتجديد

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Admin
الإدارة العليا
الإدارة العليا
Admin


الدولة : المغرب
المزاج : صناعة الحياة … بين الأصالة والتجديد 0512_md_13389403801
عدد المساهمات عدد المساهمات : 2924
نقاط التميز نقاط التميز : 12030
السٌّمعَة السٌّمعَة : 665
تاريخ التسجيل تاريخ التسجيل : 12/06/2012
العمر العمر : 28
ذكر

صناعة الحياة … بين الأصالة والتجديد Empty
مُساهمةموضوع: صناعة الحياة … بين الأصالة والتجديد   صناعة الحياة … بين الأصالة والتجديد I_icon_minitimeالأحد أغسطس 12, 2012 4:05 pm

صناعة الحياة … بين الأصالة والتجديد

لقد تفرقت السبل بنا وبأجيالنا في متاهة البحث عن هويتنا الاجتماعية وخصائصنا الثقافية ومنهجنا الحياتي متأرجحين بين التمسك بالأصالة والقيم الموروثة وبين تبني فلسفة الحداثة والحياة العصرية. فمع التعددية الثقافية والقيمية، والمنهجية التربوية المتبعة في تربية الأجيال، والانفتاح الإعلامي الواسع، وتفاوت مستويات الوعي بين طبقات المجتمع، والغزو الفكري الموجه، تعددت المرجعيات وتنوعت القدوات وتشتت الولاءات. فهذا متعصب لقبيلة وذاك متحمس لمذهب وآخر منفرد برأي أو متبنيا لفكر ورابع تائه هيمان على وجهه لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء. وفي خضم هذه المعمعة، انقشع الستار عن أربع فرق متباينة الفكر والسلوك، منها ما يلعب دور تنموي فعال يُصنع المستقبل على سواعد أبناءه، ومنها ما هو هامشي يعيش عالة على مجتمعه. وقد بنيت هذا التقسيم بناء على مدى التمسك بالإرث الثقافي من عدمه، ومدى تقبل كل ما هو عصري وجديد من رفضه، وعلى مدى القدرة على المزج بين الماضي والحاضر بما يحقق الانسجام المتناغم الذي يحقق بدوره الرقي والنمو للمجتمعات الإنسانية.

فأولى هذه الفرق تلك التي تتمسك بعادات وتقاليد الماضي وتقدس الإرث الثقافي والاجتماعي، فتركن لكل ما هو موروث وتعظمه وتجعل منه دستورا وحكما رغم مخالفته لتعاليم الشريعة أحياناً، وقصوره عن مجاراة متطلبات الحياة المدنية الحديثة أحياناً أخرىحتى أصبحت تلك العادات والتقاليد ذات سطوة حتى على سلطان الدين والعقل، وترفض و تتجاهل جديد العلم وحديث المعرفة رفضا تاما وكأن لسان حالهم يقول ما وجدنا هذا في أباءنا الأولين رافضين كل دعوات التغيير والتجديد.

فهذا الفريق يعيش في ذاكرة التاريخ رغم وجوده المادي المحسوس. وهو أشبه ما يكون بمتحف الأثار الذي تقبع محتوياته خلف أسوار موصده تحجب عنه نور العلم وروح العصر والتجديد، فيعيش بفكر عتيق لا يتناسب ومتطلبات العصر، ويقف حجر عثرة في طريق التنمية لرفضه التام لفكرة التجديد والاستفادة من كل ما هو جديد من العلوم والمعارف وإن لم يكن لها تعارض مع التعاليم الشرعية والقيم الأساسية ولا يؤدي إلى الانسلاخ من الهوية الثقافية والاجتماعية. فكيف يمكن لمثل هؤلاء أن يقودوا أمة تسعى للرقي بين الأمم وتحقيق السيادة والريادة؟!! فالتعويل على هذه المجموعة في تسيير خطط التنمية ورسم طريق المستقبل هو مزيد من التقهقر خلف الحضارات المتقدمة واستمرار في السير بذات المكان.

وأنا في هذا السياق لا أدعو لهجر الإرث ولا إلى التخلي عن الهوية ولكن هي إشارة لنبذ عبودية العادات والتقاليد والكف عن رفع شعار هكذا وجدنا أباءنا، ودعوة لتقبل التغيير البناء الذي يسعى لتصحيح المسار وفق القيم والمرتكزات الأصيلة التي أقرتها شريعتنا الإسلامية.

وفي الجانب الآخر يقف معسكراً أخر ليس ببعيد عن الفريق الأول ولكنه يحمل أفكارا مناقضة تماماً. فريق تخلى عن موروثه الثقافي والاجتماعي وانسلخ من هويته متبنياً أفكارا وثقافة دخيلة تتعارض في مجملها مع قيمنا الإسلامية ومع عاداتنا وتقاليدنا الأصيلة. معسكرا جرفته تيارات العولمةفتبنى الفكر الغربي الليبرالي العلماني الذي يدعو للتحرر من سلطان الدين والثقافة من خلال فصل الدين عن الدولة. فكر يدعو للحرية المطلقة حيث الغاية تبرر الوسيلة، كما تقدس كل ما هو مادي وتبني علاقاتها على المكاسب الشخصية والمصالح المتبادلة والصعود على أكتاف الآخرين تطبيقاً لحكم الغاب حيث البقاء للأقوى، والسلطة للمال والجاه. فكر يضمن للقوي مزيدا من القوة والسلطة وللضعيف مزيدا من الضعف وانتهاك الحقوق. فكر ينادي بشعارات رنانة تشنف لها الآذان وتصفق لها الأيدي وتهتف لها الحناجر ولكنها في الحقيقة سوسة تنخر في جذور الأمه وتسلبها قيمها وهويتها حتى تصبح كشجرة بلا جذور لا تملك مقاومة رياح التغيير فلا تلبث ان تسقط جاثية على عروشها.

إن بقاء الأمم مرهون بتمسكها بهويتها وتاريخها وإرثها الثقافي والاجتماعي رغم مواكبتها لحياة العصر ومتطلبات المدنية الحديثة. وهؤلاء يدعون للتخلي عن هذه القيم ويصفونها بالرجعية والتخلف وأنها السبب في تأخرنا عن ركب الحضارات.

أما فريقنا الثالث فقد تاه بين الفريقين السابقين، فريق تخلى عن أصالته وانسلخ من هويته وعجز عن اللحاق بركب العلم والحضارة الحديثة فتشبث بقشورها الشكلية ومظاهرها السطحية. فانشغل أفراده بتتبع جديد الموضةوتقليعات العصر مقلدين كل من تقع عليه أعينهم من حثالة البشر من نجوم الفن والسينما متوهمين أن الحضارة هي بارتداء الأزياء الخادشة للحياء وتقليعات الشعر الخارمة للمروءة،فارتدوا ( اللو ويست ) أو ما يعرف بـ (طيحني) و (بابا سامحني) وقلدوا موضة الكابالا بلبس الأساور الحمراء دون معرفة بحقيقتها ودلالاتها العقدية عند اليهود. وتسابقت الفتيات على ارتداء الازياء الفاضحة، الكاسية العارية تقليدا أعمى لنجمات هوليود ولعارضات أزياء شانيل وكريستيان ديور وكلفن كلاين وكل ذلك تحت شعار التحضر والتمدن والعصرنة. إنه فريق تلقفته كلاليب العولمة بعد أن فر من جلده فألصقته بحب المظاهر وأشغلته في تلميع صورته الخارجية ليخفي بها جوهره الخاوي وعقليته الفارغة. تنحصر ثقافتهم في أفلام يتسمرون على شاشات تعرضها، وأغنيات يتراقصون على أنغامها، فدواتهم في الحياة مشاهير الفن والرياضة والسينما، أحلامهم امتلاك كل جديد مستهلك ليتباهوا به أمام أقرانهم ويستروا به جهل عقولهم.

إن هذا الفريق يعيش على هامش الحياة ولايعول عليه في رحلة البناء بل هو عالة على مجتمعه وهدر لمقدراته وطاقاته، قد لا يجلب له الا الخزي والعار حيث تتفشى بسببه الرذيلة وتغتال القيم والأخلاق، يهمش بفكره العلم وتهجر المعرفة، ويعم جنباته الجهل والتخلف الفكري والأخلاقي، ويسود أوساطه الفساد والضياع.

ونختم بالفريق الرابع الذي مزج عطر الحاضر بعبق الماضي فجمع بين الموروث من القيم والأخلاق وجميل العادات والتقاليد وبين العلم والمعرفة المعاصرة لينتج فكرا معاصرا مبنيا على أسس متينة ترسخها عقيدة إسلامية سمحة أقرت بالتمسك بعديد المبادئ والأخلاق والقيم الموروثة و حثت في تعاليمها على طلب العلم والعمل به ورفعت من شأن أهله وطلابه في إشارة إلى أهميتهما في تحقيق مبدأ عمارة الأرض. فريق استوعب تاريخه وفهم حاضره واستشرف مستقبله فتشبث بجذوره واتخذ من العلم والمعرفة سلما يرتقي به في سماء الرقي والنماء. هؤلاء هم صناع المستقبل وهم صناع الحياة التي تبنى على سواعدهم حضارات الأمم. فبهم فقط تتقدم المجتمعات و ينتشر العدل ويعم الرخاء ويطيب العيش.

لقد أدى هذا التعدد والتشتت الفكري إلى دخول مجتمعاتنا في أزمة وعي قيمي عميقة بسبب الفوارق الكبيرة بين هذه الطبقات والعزلة التي تعيشها كل طبقة مما أدى إلى انعدام وحدة المرجعية. وبسبب أزمة الوعي القيمي هذه وانتشار الجهل، أخذ الاهتمام ينصب على المصالح المادية والمكاسب الشخصية وأهملت القيم الإنسانية وضعفت الرقابة الذاتية. كما ارتفعمستوى الأنا وحب الذات وإقصاء الآخر،فانعدمت صور التكامل والتكافل الاجتماعي واتجه الناس للعيش في مربع أربح ويخسرون أو كما يقال أنا والطوفان من بعدي. فأصبحت ثروات الأغنياء تجمع على حساب فتات خبز الفقراء، وتسلب حقوق الضعفاء ليتمتع بها الأقوياء. لقد أعمت الماديات بصائر الناس فزرعت في نفوسهم حب الدنيا وزينتها فلم يعد هناك من يمسح دمعة جاره اليتيم، ولا من يسد رمق جوع جاره الفقير ، ولا من ينفس كربة جاره المسكين. لقد ولوهم الأدبار يلهثون خلف أصحاب (الكروش المدورة) التي تغطيها عباءات الترف والبذخ باحثين عن أثداء ترضعهم المزيد من حطام الدنيا. ولو نظرنا للطبقة المتعلمة والمثقفة لوجدنا انهم هم الاخرين يعانون من فجوة كبيره بين النظرية والتطبيق. فلقد ازدحمت المساجد بالخطباء والدعاة والمصلحين، وسالت على أوراق الصحف أحبار الأدباء والمفكرين والمثقفين، وتهافتت القنوات الإعلامية على استضافة الندوات والمؤتمرات والحوارات، ولكن محصلة كل ذلك أننا نسمع جعجعة ولا نرى طحينا.
إن صناعة الحياة لا تكون بتشييد القصور الفارهة والأبراج العملاقة والتباهي والتفاخر بها وبيننا من يفترش الأرض ويلتحف السماء إن لم يقع فريسة لأرباب الدور والعقار، وصناعة الحياة لا تكون بالتلذذ بالمطعم والمشرب في رغد من المعيشة وبيننا ومن حولنا من لا يجد كسرة خبز يسد بها جوع أطفاله البواكي ناهيك عن لقمة تقيم صلبه تعينه على مجابهة شظف الحياة، وصناعة الحياة لا تكون بغض الطرف عن ذو المال والجاه إذا عاث في الأرض فسادا ومحاسبة الفقير المسكين إذا زلة به القدم ، وصناعة الحياه لا تكون بالتركيز على الذات وتهميش الآخر. إنما تصنع الحياة عندما يحقق العدل وتنشر الفضيلة وتحارب الرذيلة. تصنع الحياة عندمانكون أمة الجسد الواحد الذي اذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://jana.canadaboard.net
 
صناعة الحياة … بين الأصالة والتجديد
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
»  الأصالة الإسلامية في عمارة القدس وزخارفها
» تجولت في سوق الحياة فوجدت...!!
» تمضي بي الحياة على غير هدى..
» العشق و الحياة
» الحياة الصحية

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى الأسرة العربية لصيد الفوائد :: مجلة المنتدى :: تدوينات و مقالات-
انتقل الى:  
مواقع صديقة
الأسرة الشامل | صور و خلفيات – قنوات فضائية