Admin الإدارة العليا
المزاج : عدد المساهمات : 2924 نقاط التميز : 12030 السٌّمعَة : 665 تاريخ التسجيل : 12/06/2012 العمر : 28
| موضوع: الإخلاص الأربعاء أغسطس 08, 2012 11:22 pm | |
| الإخلاص هو تصفية الأقوال والأعمال مما يشوبها من الشرك والرياء، والمباهاة، والسمعة.
وقيل: أن لا تطلب لعملك شاهدًا غير الله تعالى ...
وقال الفضيل بن عياض: ترك العمل لأجل الناس رياء، والعمل لأجلهم شرك، والإخلاص: الخلاص من هذين، أو يعافيك الله منهما.
وفي الحديث: "من تعلم علمًا مما يبتغى به وجه الله عز وجل، لا يتعلمه إلا ليصيب به عرضًا من الدنيا، لم يجد عرف الجنة (أي رائحتها) يوم القيامة".
فالخلاصة: الإخلاص أن تبتغي بعملك وجه الله تعالى، سواءً كنت رئيسًا أو مرءوسًا، في المقدمة أو المؤخرة، في السر أو العلانية ... وفي الحديث: "أنا أغنى الشركاء عن الشرك من عمل عملاً أشرك معي فيه غيري تركته وشركه".
أهمية الإخلاص:
1. هو من أهم أعمال القلوب .. وأعظمها قدرًا عند الله تعالى، وهو موضع نظر الله من العبد، وفي الحديث: "إن الله لا ينظر إلى صوركم ولا إلى أجسامكم، ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم" ... والإخلاص هو حقيقة الدين الإسلامي، وجوهر رسالة الإسلام، والله تعالى يقول: ﴿وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ﴾ (البينة: من الآية 5) ... ويقول: ﴿...فَاعْبُدْ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ * أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ...﴾ (الزمر/ 1-2) .. وفي الحديث: "من قال لا إله إلا الله خالصًا من قلبه دخل الجنة".
2. هو أحد شرطي قبول العمل من الله تعالى: والشرطان هما: أن يكون العمل خالصًا يبتغي به وجه الله وحده .. وأن يكون العمل صوابًا على سنة النبي صلى الله عليه وسلم ... قال تعالى: ﴿فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحًا وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا﴾ (الكهف: من الآية 110) ... وكان سلفنا الصالح يبدءون مصنفاتهم بحديث: "إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى" ... وهذا إشارة إلى أهمية الإخلاص في طلب العلم وتعليمه، وأنه يجب أن يُبتغى به وجه الله تعالى، حتى يكون مقبولاً عنده.
3. الإخلاص يعظم العمل الصغير عند الله في الأجر والثواب: قال عبد الله بن المبارك رضي الله عنه: (رب عمل صغير تعظمه النية، ورب عمل كبير تصغره النية) .. فالإخلاص في العمل هو الذي يضاعف الأجر والثواب عند الله تعالى على القليل.
4. الإخلاص يحمي العبد من نزغات الشيطان: فلقد أقسم الشيطان على غواية أبناء آدم كلهم حتى يوم القيامة، ما عدا المخلصين منهم، كما حكى القرآن الكريم: ﴿قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لأغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمْ الْمُخْلَصِينَ﴾ (ص/82-83).
من مظاهر الإخلاص:
أ. ابتغاء الأجر من الله تعالى وحده: فلا يبحث عن شهرة، ولا مكانة اجتماعية، ولا زعامة، ولا ثناء الناس عليه، قال تعالى على لسان بعض الأنبياء في القرآن الكريم: ﴿وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِي إِلاَّ عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ (الشعراء-127) ... وقال الإمام الشافعي رحمه الله: (وددت أن الناس انتفعوا بهذا العلم، وما نسب إليَّ شيء منه).
ب. عمل السر عنده أفضل من العلانية: وفي الحديث عن أحد السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله: " "رجل تصدق بصدقة فأخفاها فلا تعلم شماله ما أنفقت يمينه" ... ولقد رأى سيدنا عمر رجلاً يطأطئ رقبته وهو يصلي فقال: (ارفع رقبتك فإن الإخلاص في القلوب، وليس في الرقاب) ... قال تميم الداري: (والله لركعة أصليها في جوف الليل في سر أحب إلي من أن أصلي الليل كله، ثم أقصه على الناس).
ج. إساءة الظن بالنفس، واتهامها بالتقصير: فالمخلص من العباد من يأتي بجميع العبادات على أحسن وجه، ومع ذلك هو خائف ألا يتقبل الله منه عمله يوم القيامة، كما قال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ﴾ (المؤمنون-60).
د. استواء المدح والذم: فالمخلص يقوم بجميع أعماله على ما يرضي الله تعالى، ثم بعد ذلك لا يبالي أرضي الناس أم سخطوا، مدحوا أم ذموا. وكان الإمام على إذا مدحه الناس قال: (اللهم اغفر لي ما لا يعلمون، ولا تؤاخذني بما يقولون، واجعلني خيرًا مما يظنون) ... قال الحافظ ابن رجب رحمه الله: ""إن الإنسان قد يذم نفسه بين الناس، يريد بذلك أن يرى الناس أنه متواضع عند نفسه، فيرتفع بذلك عندهم ويمدحونه به، وهذا من دقائق أبواب الرياء" ... أحيانًا يعمل أحدنا العمل يبتغي به وجه الله لكن الناس يحمدون عليه، سئل النبي عن ذلك فقال: ""تلك عاجل بشرى المؤمن".
وسائل تحقيق الإخلاص:
1- معرفة عظمة الله تعالى: إذا يتيقن العبد بأن كل شيء في الكون يقع بتدبير الله تعالى، فأرزاق العباد بيده، وآجال العباد بيده ﴿وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ﴾ (الأنعام-18) ... تعين على العبد أن يخلص عبادته لله سبحانه وتعالى وحده.
2- الإلحاح على الله تعالى بالدعاء: إن المسلم في كل أموره يطلب العون من الله وحده، فهو يقرأ كل يوم قوله تعالى: ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ﴾ (الفاتحة-5) ... فيسأله أن يمنحه الإخلاص في القول والعمل، وأن يبعده عن الرياء والشرك، في الظاهر والباطن ... وكان صلى الله عليه وسلم يقول في دعائه: "اللهم إني أعوذ بك من أن أشرك بك شيئًا أعلمه واستغفرك لما لا أعلمه" ... وكان من دعاء مطرف بن عبد الله: (اللهم إني استغفرك مما زعمت أني أردت به وجهك فخالط قلبي منه ما قد علمت).
3- مصاحبة أهل الإخلاص: صحبة الصالحين والمخلصين تعين على الصلاح والإخلاص، وقد خاطب الله نبيه في القرآن الكريم بقوله تعالى: ﴿وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ﴾ (الكهف: من الآية 28) .. وفي الحديث: "هم القوم لا يشقى بهم جليسهم" ... وهذه قصة رجل من الصحابة في إحدى الفتوحات الإسلامية، استعصى على المسلمين فتح مدينة، فصنع نقبًا في السور، ودخل منه، فقاتل المشركين قتالاً شديدًا، وفتح للمسلمين الباب، فدخلوا منه، فكان سببًا للنصر والفتح، وكان هذا الصحابي ملثمًا، ورفض أن يكشف عن وجهه، أو أن يعطيهم اسمه، أو يعطوه مكافأة، وغادر المكان ولم يعرفه أحد من الناس على الإطلاق، فكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول: يقول اللهم احشرني مع صاحب النقب.
4- تدريب النفس على عمل السر في العبادات: فعمل السر فيه صعوبة على النفس، لكن ثوابه أعظم عند الله تعالى، مثل صلاة الليل، صيام التطوع، الصدقة الخفية، وفي الحديث: "إن الله يحب العبد التقي النقي الخفي" ... قال سهل بن عبد الله التسري: (ليس على النفس شيء أشق من الإخلاص؛ لأنه ليس لها فيه نصيب).
ثمرات الإخلاص:
أ. استمرار العمل: فالذي يعمل للناس يراقبهم، ويتوقف إذا غاب عن أعينهم، أما من يعمل لله فهو مستمر في عمله، والصالحون يقولون: (ما كان لله دام واتصل، وما كان لغير الله انقطع وانفصل).
ب. تأييد الله وعونه في الشدائد: فالله يمد المخلصين بعونه ورعايته وتأييده، فينقذهم من المهالك، ويساعدهم في الشدائد، كما فعل مع يوسف عليه السلام حينما أنقذه من تخطيط امرأة العزيز، حتى لا يقع في الحرام قال تعالى: ﴿كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ﴾ (يوسف: من الآية 24) ... وفي قصة الثلاثة الذين آواهم المبيت إلى غار عظة وعبرة، (القصة المشهورة) كان دعاء كل واحد منهم: "اللهم إنك تعلم إن كنت فعلت ذلك ابتغاء مرضاتك ففرج عنا ما نحن فيه، فانفرجت الصخرة على مراحل إلى أن خرجوا جميعًا".
وذلك لأن من ترك المعصية كان يبتغي مرضاة الله تعالى، ومن عمل عملاً صالحًا أيضًا كان يبتغي مرضاة الله تعالى ... قال عمر بن الخطاب: (من خلصت نيته كفاه الله ما بينه وبين الناس) .. وقال أبو حازم: (لا يحسن عبد فيما بينه وبين ربه إلا أحسن الله ما بينه وبين العباد).
ج. سكينة النفس: فالإخلاص يكسب صاحبه الأمن والسكينة، فيشعر بانشراح الصدر، وهدوء النفس وفي الحديث: "من كانت الآخرة همه، جعل غناه في قلبه وجمع الله عليه شمله، وأتته الدنيا وهي راغمة".
د. قبول الأعمال من الله تعالى ودخول الجنة: وذلك لأن الإخلاص أحد شرطي قبول العمل، وفي الحديث عنه صلى الله عليه وسلم: "إن الله عز وجل لا يقبل من العمل إلا ما كان صالحًا، وابتغى به وجهه تعالى" ... وقالوا: (إخلاص ساعة نجاة الأبد، ولكن الإخلاص عزيز).
إن غاية المسلم تكمن في مرضاة الله تعالى، ودخول جنته، والبعد عن سخطه وناره، ولا يصل المسلم إلى ذلك إلا بأن يجعل حياته ومماته وعبادته كلها لله تعالى كما أمر الله نبيه بذلك في القرآن الكريم: ﴿قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَاي وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ﴾ (الأنعام/162-163).
وأن يخلص لله تعالى في أعماله كلها يبتغي مرضاته ولا ينتظر إلى ثناء الناس، قال تعالى: ﴿وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا (8) إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلا شُكُورًا (9) إِنَّا نَخَافُ مِنْ رَبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا (10) فَوَقَاهُمْ اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورًا (11) وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا (12)﴾ (الإنسان). اللهم ارزقنا الإخلاص في القول والعمل يا رب العالمين. | |
|